قالت الناقدة جميلة العبيدي إن المرأة السعودية المبدعة استطاعت خلق نموذج أنثوي بالغ الخصوصية في مجال الإبداع الأدبي، لكنها في بعض النماذج لم توفق في بلورة هويتها رغم تسخير كل طاقاتها الإبداعية للدفاع عن هذه الهوية، مشيرة إلى أن ذلك لم يكن من قبيل التناقض لكنه الوضع الثقافي المجتمعي الذي يفرض علاقة جدلية ثنائية القطب بين المرأة والرجل.

وقالت العبيدي الفائزة أخيرا بجائزة الشارقة للإبداع في مجال النقد لـ "الوطن": حين ننظر للنماذج الروائية للمرأة السعودية نحتاج إلى التفريق بين الهوية الثقافية والموقف والأخير هو ما أتبناه في قراءاتي للرواية إذ إن الرواية بأكملها -عند البعض- لا تعد سوى موقف فردي لا يعمم وإن عمم فهو خاضع لظروف استثنائية لا يصح تطبيقها. والراوئية في هذا النوع من السرد لا تملك أنوثية ولا تقدم حلولا ولا تتمركز في وسط الدائرة المجتمعية لتعبر عن موقف غير الرفض.

وعن الهوية الفنية للأنثى الكاتبة قالت: الأنثى بطبيعتها الاجتماعية والثقافية والفكرية محاصرة عربياً منذ أقدم الأزمنة، فكيف بها حين تسعى إلى اكتساب هوية فنية جمالية تعبرُ من فوق الهويتين المذكورتين، مؤكدة أنها مغامرة تاريخية كبيرة بحاجة إلى قدر هائل من الكفاءة والاستعداد والتحدّي والإصرار إذ هي بحاجة أولاً إلى توكيد هويتها الاجتماعية والثقافية قبل أن تتجرأ على تقديم هويتها الفنية.

وأشارت العبيدي إلى أن الكثير من مدوّنات الأنثى الروائية اعتمدت-في الرواية العربية الحديثة والسعودية تحديدا- على علامة الجسد، بوصفها العلامة الاستثنائية التي بوسع الكاتبة أن تقول فيها وبوساطتها كل ما هو مثير وحيوي ومغرٍ ولافت لانتباه القارئ الذكوري، وهو يهيمن على مقدرات مجتمع القراءة ويحسم وجود المقروء على مستوى الصلاحية والكفاءة والبقاء في المشهد، ولا شكّ في أنّ الجسد منطقة بالغة الخطورة على مستوى تسخيره كي يكون موضوعاً للسرد الأنثوي.

وبينت أنّ الهوية الفنية للأنثى الكاتبة بحاجة إلى وعي حادٍ ومشاكسٍ ومثقفٍ عالي القصدية، كي يتمكّن من تكريس العلامة وتجسيد الإشارة وتقديم الخطاب الأنثوي بوصفه هوية موازية ومضاهية وقـادرة على الحياة، في ظلّ هيمـنة ذكورية تعوّدت على الأخذ والاستحواذ والاسـتغلال وإغفال الآخر وتجاهـله وتهميشه وتنحيته.

وقالت إن المدوّنة الأدبية الأنثوية العربية المعاصرة، ولاسيما الروائية منها، تتقدّم الآن بخطى حثيثة من أجل الحصول على شرعيتها في هوية فنية تميزها على مستوى الخطاب واللغة والموضوع والعاطفة والرؤية، هوية لها ملامح وخصائص وميزات يمكن أن تنجزها أدوات تحليل الخطاب بحيث تتحول هذه الإشكالية من إشكالية إعاقة إلى إشكالية إنتاج على النحو الذي تكتسب فيها جمالياتها النوعية التي تضاهي فيها جماليات التعبير في الهوية الذكورية من دون الإحساس بالدونية لدى الهوية الأنثوية.