أسعار النفط لهذا العام شهدت استقرارا نوعيا بعيدا عن تذبذبات العام 2008. فهي لم تتجاوز 90 دولارا للبرميل ولم تنخفض عن سعر 60 دولارا للبرميل. ويرى بعض المحللين في الدول النفطية أن هذه الأسعار لا تقيم النفط بقيمته الحقيقية، ومع ذلك فإن معظم المتعاملين والمهتمين بصناعة النفط والطاقة يعتقدون أن هذا النطاق السعري للنفط مقبول.

فالدول الصناعية الكبرى مازالت ترزح تحت انسحابات وتبعات الأزمة المالية العالمية، وبالتالي فهي بحاجة إلى تخفيض فواتير وارداتها بشتى أنواعها، وعلى رأس القائمة تأتي المشتقات النفطية.

أما بالنسبة للدول المنتجة للنفط، وبالأخص دول الخليج، فإنها ترسم ميزانياتها على أسعار أقل بكثير من متوسط أسعار النطاق السعري الحالي. وهو ما يعني اتجاه هذه الدول نحو تحقيق فوائض مالية حتى مع تزايد الانفاق الحكومي، ولكن هل سيستمر الوضع على هذه الطريقة التي ترضي معظم الأطراف لفترة طويلة؟

إن استقرار أسعار النفط على المدى الطويل يحتاج إلى نمو مستمر في جانب الطلب على المشتقات النفطية. ويرتبط قطاع الصناعات البتروكيماوية بدورات الصعود والهبوط الاقتصادية ، وبسبب أزمة الائتمان العالمية، فإن هذه الصناعة تمر الآن في دورة هبوط يرجح أن تستمر حتى نهاية العام 2011.

وذلك لأن الصناعات البتروكيماوية مرتبطة بمستوى رفاهية المستهلك، ومستوى الإنفاق العام الذي تراجع بحدة تفاعلا مع الركود الذي كاد العالم أن يسقط فيه. وبالتالي لن يكون هناك نمو على الطلب النفطي من جانب الصناعات البتروكيماوية.

ويأتي معظم النمو المتوقع على النفط من قطاعي النقل والمواصلات في الدول النامية، فالدول الصناعية المتقدمة تحث الخطى نحو تحول قطاعي النقل والمواصلات بعيدا عن استهلاك النفط، عن طريق الوقود الحيوي والسيارة الكهربائية.

والدول النفطية بحاجة إلى أن يبقى النفط مصدرا رئيسيا للطاقة، حتى لا تفقد احتياطياتها الكبيرة من النفط قيمتها. ولذلك فمن الضروري أن تستثمر هذه الدول طاقاتها البشرية ومواردها المالية في مجال تطوير تقنية الطاقة النفطية. ولدى معظم هذه الدول العديد من مراكز الأبحاث، إلا أنها ركزت في الماضي على تخفيض تكلفة الإنتاج. أما اليوم، فإنها مطالبة بالتركيز على الجانب الاستهلاكي لمنتجاتها، وأن تضع نفسها مكان المستهلك النهائي الذي يبحث بكل جد عن بدائل جديدة حتى وإن كانت أكثر تكلفة.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن تطور مراكز الأبحاث تطوير أجيال جديدة من محركات الاحتراق الداخلي ذات كفاءة أعلى وأقل تلويثا للبيئة، إذ سيرفع تطوير محركات بهذه التقنية العالية من تنافسية النفط أمام البدائل المتاحة وسيخفض من تكلفته على المستهلك النهائي.