جاء في وثائق "كل شيء جائز" أن المقصود بقول الزميل الحاج/ "أبي نواس": إن كان لا يرجوك إلا "محسن" هو شاعر نجد الشهير "محسن الهزاني" (1130هـ ـ 1210هـ) ولم يكن عربيداً ولا ماجناً، لكنه وجد في بيئةٍ فاضلة ترى أن الشعر ـ لاسيما الغزلي ـ من خوارم المروءة، استناداً إلى قول الشافعي: "ولولا الشعر بالعلماء يزري/ لكنت اليوم أشعر من لبيد!" فترك منصب أمير "الحريق" وتفرغ للشعر حتى صار من أبرز المجددين فيه شكلاً ومضموناً. ويقال إنه سأل الله تعالى "تسخير البنات" ولا ندري: هل كان يقصد "بنات الأفكار" أم المعجبات؟ لكن الأكيد أنه أوتي حظاً وافراً من الاثنتين؛ حتى إن المرأة كانت تداعب طفلتها وتصف شعرها مغنية: "أصفر معصفر ليت محسن يشوفه"! والبنات من الأفكار والمعجبات هن ما يملأ صدور القوم حسداً وغيرةً في كل مكان وزمان ومكزان وزمكان؛ حتى قال الزميل "الكذاذيبي":

ماذا جنيت من الدنيا وأعجبه

أني لما أنا باكٍ منه محسودُ؟

وأسهل وأقسى ما يواجه المحسود هو الطعن في دينه حتى اعتقد المجتمع الفاضل أن "محسن" لا يجوز أن يشهد صلاة الاستسقاء، فصلوا بدونه ولم تنزل قطرة مطر واحدة! فلما علم بمكرهم جمع ما استطاع من الأطفال والحيوانات ورفع يديه بالقصيدة الشهيرة: "دع لذيذ الكرى وانتبه ثم صل" ولم ينزلهما إلا وقد أرسل الله السماء مدراراً! ثم نزح إلى "العراق" حيث "الحاج/ أبو نواس" يقول:

"مالي إليك وسيلةٌ إلا الرجا * وجميل عفوك ثم أني مسلمُ" ويعبر ـ حسب الوثائق إياها ـ عن "مكاوي" عربيد، كان يعد "السوبيا" ويخمرها في قبو داره، وبلغ من المجون أن أوصى زوجته أن يغسلوه بها عند وفاته، كما أوصى "أبو محجن" ـ بطل القادسية ـ ابنه من قبل:

"إذا مت فادفني إلى جنب كرمةٍ * تروِّي عظامي بعد موتي عروقها"!!

وتقول الأسطورة: إن جار ذلك المدمن مات في رمضان، فذهب وواسى أرملته بكل ما يملك من مال، مؤثراً إياها وأطفالها على زوجته وأطفاله! وتوفي هو ليلة السابع والعشرين من رمضان نفسه، وخجلت أرملته من ذكر الوصية إياها للناس الذين غسلوه وجهزوه للدفن لكنهم عجزوا عن حمل الجنازة لثقلها العجيب! قال لهم العالم الشهير في وقته: اسألوا زوجته إن كان أوصى بشيءٍ! وبعد إلحاح أخبرتهم! وترددوا هم لكن العالم شجعهم على تنفيذ الوصية، فلما فتحوا الجرار فوجئوا بما فيها وقد غدا "ماء ورد جوري"! فغسلوه وحملوه بسهولة وفاض الزقاق يعبق بالرائحة الزكية؛ وهو المعروف اليوم بـ"زقاق الورد"!

هل تذكرت "بغي" بني إسرائيل التي غفر الله لها لكلبٍ سقته؟ والحديث الشريف: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم"؟! وهل تساءلت "غداً": لماذا ندعو ولا يستجاب لنا؟