البيئة هي الحيز الذي نعيش على أرضه، ونشرب من مائه، ونتنفس هواءه، ونأكل من خيراته، ولذلك من الضروري أن نحافظ على هذا الكيان، ونعمل جادين على صيانته ونكون أصدقاء له لا أعداء، لأن ما نقوم به في الواقع من أنشطة مختلفة وغير مدروسة يؤدي إلى تدمير البيئة والتأثير السلبي على عناصرها المتجددة وغير المتجددة، مع العلم أن ديننا الحنيف حثنا على المحافظة على البيئة في مواقف مختلفة سواء في القرآن الكريم، أو في السنة النبوية، ومع ذلك فأعداء البيئة في مجتمعاتنا كثر، ولا يهتمون بالبيئة التي استخلفهم الله عليها، فكيف يكون الإنسان صديقا للبيئة إذا كانت أعماله اليومية، وسلوكياته البيئية، وأنشطته المختلفة تعمل ضد البيئة التي يعيش فيها، والأمثلة على هذه السلوكيات عديدة، ومتنوعة، ولعله من المناسب أن نناقش أهمها بهدف أن يتنبه الكثير من الذين يمكن تصنيفهم بأعداء للبيئة ليصبحوا، أو يتحولوا إلى أصدقاء للبيئة.

ونشاهد يوميا العديد من الأنشطة الإنسانية التي من خلالها يتم قطع الأشجار والتخلص منها بطريقة عشوائية عندما تكون هناك مشروعات سكنية، أو اقتصادية، أو زراعية، أو غير ذلك من الأنشطة التي يتم فيها التخلص من مساحات خضراء من خلال قطع أعداد كبيرة من الأشجار، وعندما يدرك من يقطع الأشجار أهميتها البيئية قد يتوقف عن قطع هذه الأشجار، وعن الاحتطاب الجائر، وهنا يتحول من عدو للبيئة إلى صديق لها، وعندما يقوم بعض مستخدمي الشوارع والطرقات برمي النفايات والمخلفات من سياراتهم أثناء القيادة، ولا يهتمون بهذه التصرفات التي قد تؤذي مستخدمي الطريق بشكل مباشر، وتلوث البيئة، وهذه السلوكيات تدل على غياب الوعي البيئي؛ فأين هم من " إماطة الأذى عن الطريق صدقة"؟ وعندما تتغير سلوكيات هؤلاء الأفراد إلى المحافظة على نظافة شوارعنا يصبحون من أصدقاء البيئة، كما أن الفئة الأخرى التي أتمنى أن تصبح من أصدقاء البيئة هي التي تقوم بصيد "قتل" الحيوانات التي تعد من أهم مقومات الثروة الحيوانية البرية في جميع الأوقات دون التقيد بالأوقات المسموح فيها بالصيد، وهؤلاء هم أهم أعداء البيئة، وقد يتحولون إلى أصدقاء للبيئة عندما يلتزمون بالأوقات المحددة للصيد، وبضوابطه، وتعليماته.

وقد يتحول أصحاب السيارات التي تبث سمومها في الهواء من خلال العوادم التي تخرج منها نتيجة لأعطال ميكانيكية إلى أصدقاء للبيئة عندما يعملون على إصلاحها إحساسا منهم بتأثير هذه العوادم السلبي على البيئة، أو من خلال تزويدها بالمصفي، أو المنقي "الفلتر" الذي يعمل على تقليل نسبة العوادم التي تخرج من محركات هذه السيارات، وهنا أرى من الضروري أن تكون هناك مواصفات للسيارات التي تعمل على الديزل، ويتم تضمين المنقيات في تصاميمها، كما قد نصبح من أصدق أصدقاء البيئة عندما نمتنع عن الحصول على الأكياس البلاستيكية عند التسوق، ونطلب أكياسا من الورق بدلا من البلاستيك، أو عندما نحضر أوعية خاصة قابلة للاستخدام أكثر من مرة ونجمع أغراضنا من أي سوق فيها، ونستخدمها بدلا من الأكياس البلاستيكية التي ينتهي بها الأمر إلى ملوثات للبيئة خطيرة وغير قابلة للتحلل بسهولة، أما من يترك المكان نظيفا بعد مغادرته هو وأسرته سواء في الحديقة، أو في المتنزه فهذا السلوك يدل على الوعي البيئي، والمستوى العالي من الثقافة البيئية، ومن يقوم بهذا التصرف الإيجابي فهو من أصدقاء البيئة، ولماذا لا نكون جميعا من أصدقاء البيئة، ونعمل على توعية أعدائها بأهمية المحافظة عليها وصيانتها لجيلنا وللأجيال القادمة.