كنت أتمنى أن يتحدث مستشار جمعية أواصر الدكتور (علي الحناكي) عن طبيعة العقوبات التي تتخذها الداخلية بحق الآباء المتخاذلين عن رعاية أبنائهم والاعتراف بهم في الخارج! فالخبر عن ملاحقة الداخلية لآباء "الغفلة" والذي نشرته صحيفة "الوطن" الاثنين الماضي لم يتحدث عن عقوبة محددة ستنزل بمن يتخلى عن أسرته ونسله، فلعل من يعلم بالعقوبة الرادعة الصارمة سيحسن الأدب، وسيفكر ألف مرة قبل الاستجابة لنزوات زيجات المسيار والمسفار والسياحة والزواج بنية الطلاق وغيرها من الزيجات "السفاري" ! الخبر يتحدث عن 598 عائلة سعودية مشتتة وموزعة في أرض الله الواسعة التي تطأها أقدام السعوديين الباحثين عن المتعة السريعة، وعن 1822 روحا بريئة تبحث عمن يعيد لها الأمان المفقود والحب المستلب وما خفي كان أعظم، فهذا الرقم المرصود من الجمعية فقط والذي تم تقديم المساعدات لهم! ففي تصريح آخر كشف رئيس جمعية أواصر(عبد الله الحمود) عن تزايد عدد الأسر السعودية خارج الوطن إلى 1000 أسرة تتوزع في 14 دولة عربية وأجنبية دون وجود أوراق رسمية لهم، وتتوقع الجمعية وجود 3000 أسرة سعودية في الخارج حسب صحيفة "عكاظ"، وهناك أيضا أسر وأطفال منبذون في الداخل نتيجة للزواج من مقيمات دون توثيق الزواج وأخذ إذن بالموافقة!

يرجع الدكتور (علي الحناكي) كثرة الأبناء وتفشي هذه الزيجات إلى اعتماد المسافرين على فتاوى شرعية صادرة من تلك البلدان! وليعذرني الدكتور الحناكي فكلنا يعلم أن هذه الفتاوى الشرعية وهذه الزيجات العارية من مضامين الزواج الحقيقية شرعنها كثير من فقهائنا ومشايخنا دون الالتفات إلى الأخطار الناجمة عنها، ودون أن يحاولوا إغلاق باب سد الذرائع في وجه الباحثين عن متع رخيصة، يلبسونها برداء الزواج الشرعي وهو منها براء! فالزواج القائم على المعنى القرآني العظيم الموصوف بالسكن، والمودة والرحمة الناتجين عن الشعور بالأمان واللوذ بجناح الطرف الآخر، تحول على يد زيجات "السفاري" إلى علاقة شهوانية، يتنقل فيها الرجل من امرأة إلى امرأة، ولا تجد فيها المرأة بأسا من عرض نفسها على طالبي المسيار، فقد حللت وشرعنت لهما تلك الزيجات!

يتحدث خبر "الوطن" أيضا عن دراسات أثبتت أن الزوج السعودي ربما يتزوج من أجنبية تكون على ذمة رجل آخر، أو مسجلة على قائمة الانحراف والرذيلة، وطغيان الجانب المادي والاستغلال والابتزاز على هذه النوعية من الزيجات! فمن نافلة القول أن جلّ هذه الزيجات ليست إلا استرقاقا جنسيا وتجارة نخاسة من نوع جديد يبيع فيها الأب الفقير جسد ابنته لمن يلوح له بالنقود، ويستغل طالب المتعة فقر البنت وأهلها ليستمتع بها ثم يرمي بها وعيالها إلى غياهب النبذ والإنكار بعد أن يمل منها، أو بعد أن تروح السفرة وتأتي الفكرة!

حل هذه المشكلة الخطيرة لا يأتي عبر النوايا الحسنة ولا الوعظ والإرشاد الذي يطالب الرجال بالتقوى ومخافة الله، ولكن يأتي بسن العقوبات الصارمة والإعلان عن هذه العقوبات لتكون رادعا لمن تسول له نفسه الإقدام عليها! وقبل كل هذا وذاك فتاوى مشددة تحرم كل أنواع زيجات (النصف كم)!