في 8 أكتوبر، نُشرت مقالة مثيرة للجدل في مجلة (فورين بوليسي ماجازين) الإلكترونية، وفيها ادعاء بالحصول على معلومات من "مصادر من الداخل" بأن إدارة أوباما وحكومة نتنياهو توصلتا إلى خطة مشتركة لحرب خاطفة ضد إيران. استنادا إلى حديث الكاتب مع شخص "مقرب" من المحادثات، فإن الضربات ربما تستغرق ساعات قليلة فقط في أفضل الحالات وربما تستغرق يوما أو يومين بشكل إجمالي. بعد أيام قليلة، تم فصل الرجل الثاني في السفارة الإسرائيلية في واشنطن من عمله. بعد أسبوع، وبعد شهور من الإشاعات والتهديدات من المعارضة، دعا نتنياهو إلى انتخابات مبكرة. كيف يمكن ربط هذه الأمور ببعضها البعض؟

كاتب المقالة في مجلة (فورين بوليسي ماجازين)، دافيد روثكوبف، قال إن إدارة أوباما وحكومة نتنياهو تمكنتا من تسوية خلافاتهما. أحد مصادره كان مهووسا بشكل إيجابي بوصف نتائج مثل هذه الضربة، وادعى أنها سيكون لها "نتيجة تحويلية: إنقاذ العراق، سورية، لبنان، وإعادة إحياء عملية السلام، تأمين الخليج، إرسال رسالة لا لبس فيها إلى روسيا والصين، وضمان صعود أميركا في المنطقة على مدى العقد القادم.

نشْر المقال أثار عاصفة نارية من التوقعات في واشنطن حول مصدر الخبر الذي جاء به روثكوبف. هو لديه بالفعل اتصالات جيدة داخل البيت الأبيض في عهد أوباما، ولكن في النهاية اتضح أن القصة جاءت من اتجاه مختلف – إسرائيل. أحد مصادر روثكوبف "الداخلية" كان السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، مايكل أورين. يبدو أن روثكوبف و أورين كانا زميلي غرفة في الجامعة وحافظا على صداقة متينة منذ ذلك الوقت. مهما كانت النية من الخبر المسرب، فإن نشره ونتائجه لم يكونا من الذين لهم علاقة به.

بعد أيام فقط من نشر المقال حول روثكوبف. ذكرت صحيفة هآرتز الإسرائيلية أن نتيناهو أنهى عمل معاون السفير الإسرائيلي في واشنطن، باروخ بيناه، وأنه سيتم إرساله سفيرا لإسرائيل في الدنمارك. قبل حضوره إلى واشنطن في 2011، كان بيناه السكرتير العام لقسم أميركا الشمالية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وكانت لديه معرفة عميقة بالمشهد السياسي الأميركي وتربطه علاقات جيدة بأشخاص في مناصب حساسة في العاصمة الأميركية. ويبدو أن هذه العلاقات هي التي سببت له المشاكل فيما بعد.

مصدر أميركي مطلع قال لي إنه مع تزايد التوتر بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، التفت مسؤولون أميركيون إلى بيناه كنقطة اتصالهم المفضلة. السفير أورين معروف بأنه مقرب من نتنياهو ولذلك لا مجال للنقاش معه حول الخلافات المتبادلة – مثل إيجابيات وسلبيات الهجوم على إيران.

كان بيناه من المعارضين لضربة إسرائيلية أحادية الجانب ضد إيران منذ البداية. في سبتمبر، قبيل انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان بيناه القناة الخلفية للمفاوضات بين الحكومتين الإسرائيلية والأميركية حول قضية "الخط الأحمر" لنتنياهو فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. كان نتنياهو يريد تعهدا صارما من الرئيس أوباما بأن الولايات المتحدة ستقصف المنشآت النووية الإيرانية مقابل تأخير أي هجوم إسرائيلي إلى ما بعد الانتخابات. المحادثات السرية توقفت عندما اقتنع نتنياهو بأنه كان لا يمثل الموقف الإسرائيلي بشكل صحيح في محاولة الوصول إلى اتفاق يسمح بعقد لقاء قمة بين أوباما و نتنياهو في نيويورك أو واشنطن. نتنياهو لم يحصل على اجتماع مع أوباما.

والأسوأ من ذلك أن بيناه أغضب نتنياهو عندما رتب لوزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، رحلة إلى شيكاغو للتشاور مع المحافظ راهم إيمانويل، كبير موظفي البيت الأبيض السابق والجندي السابق في الجيش الإسرائيلي. إيمانويل حذر إيهود باراك من أن نتنياهو يقترب بشكل خطير من التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لصالح صديقه القديم ميت رومني. إيهود باراك عاد إلى إسرائيل متضايقا وسرعان ما ملأت خلافاته مع نتنياهو صدر الصفحات الأولى.

القشة الأخيرة كانت عندما واجه بيناه بشكل مباشر السفير أورين حول تسريب روثكوبف، محذرا إياه من أن تسريب خبر كاذب إلى صحيفة أميركية معروفة يعتبر خرقا للبروتوكول يمكن أن يضر العلاقات بين أميركا وإسرائيل.

وهكذا، في الأسبوع الماضي، تم نقل بيناه بهدوء إلى كوبنهاجن. وفي الوقت ذاته، سارع مسؤولو البنتاجون لتوضيح أن خبر روثكوبف كاذب تماما، وأن الجيش الأميركي لا ينوي أبدا شن هجوم مشترك على إيران مع إسرائيل في أي وقت في المدى المنظور.

هناك حاليا شائعات في واشنطن بأن روثكوبف سوف يطرد من عمله كمراسل خاص لمجلة فورين بوليسي بسبب استخدامه للمجلة لنشر دعاية الحرب الإسرائيلية. قبل أسابيع فقط من نشر مقال روثكوبف، كانت مجلة فورين بوليسي الإلكترونية قد نشرت مقالا للمؤرخ مارك بيري تحدث فيه عن تفاصيل احتمال غارة تقوم بها القوات الخاصة الإسرائيلية على منشأة فوردو النووية الإيرانية. جميع التفاصيل التي في مقال مارك بيري تقريبا أكدها مسؤولون عسكريون أميركيون في البنتاجون وفي القيادة المركزية. ويقال إن الحكومة الإسرائيلية كانت غاضبة جدا بسبب التسريب الاستباقي الذي ألغى عنصر المفاجأة من أي هجوم إسرائيلي مباغت على فوردو.

مع بقاء أسابيع فقط على الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تقريب الانتخابات الإسرائيلية إلى بداية العام القادم، من المرجح أن تستمر "حرب التسريبات" وأن تزداد كثافة أيضا مع تراجع الحديث عن "مفاجأة في أكتوبر"، هناك حاليا مؤشر جديد في أواخر ديسمبر.