"ما إن تصل إلى حي بدر في تلال الشفا جنوب الرياض" حتى تفاجئك روائح الصرف الصحي بمدخل شارع الاعتدال الذي يقطن فيه كثير من الأسر المتضررة من تسرب المياه بسبب كسر أحد الأنابيب الرئيسة في باطن الأرض، مما أسهم في تكدس المياه بشكل كثيف واختلاطها بخزانات الصرف الصحي، في الوقت الذي استمر فيه بعض مراقبي شركة المياه في إصدار المخالفات في حق المتضررين بسبب هذه التسريبات.

وطالب أهالي حي بدر في تلال الشفا بعد شهر كامل من المعاناة برد حقهم وتعويضهم جراء دفع مبالغ لإحضار الشاحنات، بالإضافة إلى تغريمهم مخالفات في غير وجه حق بسبب تلك التسريبات التي ليس لهم علاقة بها بتاتاً، ومماطلة بعض المسؤولين على حد قولهم في إنهاء معاناتهم في إصلاح تلك العيوب.

"ورصدت الوطن" أثناء جولتها في المنطقة المتضررة آثار التسريبات في أطراف المنازل الخارجية في الأرصفة والجدران وآثار الملوحة بسبب تدفق المياه المستمر، إضافة إلى تدفق مياه الصرف الصحي باستمرار من أحد المنازل القائمة وسط المنطقة المتضررة، وباتت تلك المياه تتسرب من باطن الأرض وتنتهي في خزانات الصرف الصحي بالمنازل، مما دعا الأهالي إلى إحضار أكثر من 14 صهريجا لشفط مياه الصرف خلال أسبوعين.

وذكر عبيد الدوسري أحد المتضررين أنه يعاني من تسرب وتدفق المياه منذ نحو شهر، مما أدى إلى تردي أوضاع المنزل من الداخل، مشيراً إلى وجود مياه في البنية التحتية للمنزل بشكل كثيف دفع بتسربها إلى داخل خزان الصرف الصحي مباشرة، وقال أنه أحضر "وايت" صرف صحي لشفط المياه من الخزان، ولكن دون جدوى بسبب عودة تدفق المياه بغزارة إلى داخل الخزان أثناء عملية الشفط، وأردف ذلك بإحضار مزيد من "الوايتات" للشفط ولا يزال الوضع على ما هو عليه.

وأشار الدوسري إلى أنه اتصل منذ شهر بشركة المياه لمتابعة طلب تسريب المياه من باطن الأرض إلى داخل خزان الصرف الصحي، وأفيد بأن الملف مقفل وتم الانتهاء منه، دون تدخل الشركة لطرح حلول عاجلة لإصلاح مشاكل تسريب المياه، مؤكداً أن أحد المسؤولين قام بزيارته في المنطقة منذ أسبوع وإبلاغه عن اكتشاف مكان الخلل والتسريب في داخل الأرض، والتعرف على منطقة التسريب ووضع دائرة حمراء في المكان مع الوعود بالإصلاح في أسرع وقت.

وكشف أنه رغم تلك المعاناة إلا أنه لا يزال يتلقى من شركة المياه كثيرا من المخالفات جراء تلك التسريبات، وصل إلى حاجز الـ 8 مخالفات من قبل مراقب الشركة في تلك المنطقة، مبيناً أنه فوجئ في إحدى المرات بقيام أحد المراقبين بتصوير منزله كمخالف ووضع المخالفة على جاره "المعاق" تحت رقم العداد الخاص به، وأثناء مراجعته للشركة والاستعلام عن تلك المخالفة، فجئ أنهم أضافوها أيضا على منزله بالإضافة إلى منزل جاره "المعاق"، وتابع "المراقب استغل الموقف ووضع المخالفة على عدادين مختلفين بمجموع مخالفتين تحت صورة واحدة".

ويتفق معه فهد القحطاني أحد المتضررين، ويضيف بأنه أحضر وايت صرف صحي 14 مرة خلال أسبوعين بمعية الجيران لشفط مياه الصرف الصحي التي يعانون منها، مشيراً إلى أن المياه أصبحت تحت البنية التحتية للمنازل في تلك المنطقة، حيث بدأت تنبع من تحت الأرض في داخل المنازل وفي الخارج أيضا في الشارع، مشيراً إلى أنه لا يسمح لأبنائه بالخروج في ساحة المنزل بسبب تسرب المياه الملوثة وخطر الأمراض المتوقعة، في الوقت الذي يقوم فيه بعدم استخدام المياه في داخل المنزل للشرب أو للاستحمام أو الاغتسال بسبب خوفه من التلوث الذي صدع في الحي السكني وعانى منه.

عبدالرحمن الدوسري أحد السكان المتضررين، يقول إنه قابل مسؤولاً من شركة المياه حضر خلال اليومين الماضيين بمعية أحد العمالة التابع للشركة وأن العامل أبلغه أن هذه المشكلة لا تعود إليهم، في حين يناقضه المسؤول الآخر بالقول إن هذه المشكلة تحت مسؤوليتهم وإنه سوف يقوم برفع تقرير عن هذه الحالة للشركة ولم نجد أي رد حتى من الشركة حتى الآن.

وأبدى الدوسري تخوفه من وجود الحشرات وانبعاث الروائح الكريهة والطحالب بسبب اختلاط المياه مع المجاري، إلى جانب الخوف من مصيرهم المجهول بسبب المياه الملوثة، خصوصاً بعدما أقرت لجنة الإفتاء في أحد الأحياء في وسط الرياض للأهالي بإعادة الصلاة مدة شهر كامل بسبب الوضوء من مياه اكتشف لاحقاً أنها مختلطة بالصرف الصحي، مما أدى إلى تغير لونها ورائحتها.

أبو سليمان أحد السكان علق قائلاً "المياه وصلت لغرف النوم، وقمت بتغيير الأرضية الخارجية للمنزل بسبب تكدس المياه في باطن الأرض، بينما تدخل المياه في المنازل من الأبواب أثناء سقوط الأمطار، بسبب عدم وجود الصرف الصحي والخدمات، إضافة إلى انقطاع الكهرباء في الفترة الماضية لعدة مرات في يوم واحد"، داعياً المسؤولين إلى النظر في موضوعهم في ظل إهمال وتقصير بعض الموظفين في بعض الجهات المعنية.