اندلعت تظاهرات احتجاجية اليوم في مصر بعد تبرئة ستة من مسؤولي الأمن المتهمين بقمع الانتفاضة التي أطاحت حسني مبارك في 11 فبراير 2011 رغم الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس المصري السابق ووزير داخليته حبيب العادلي.

وأصدرت محكمة جنايات القاهرة صباح اليوم حكمين بالسجن المؤبد على مبارك والعادلي "في ضوء ما أسند إليه في قرار الاتهام بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع في قتل آخرين" بينما برأت نجليه جمال وعلاء وستة من قيادات وزارة الداخلية السابقين ورجل الأعمال الهارب في إسبانيا حسين سالم الذي حوكم غيابياً.

واندلعت تظاهرات شارك فيها مئات الأشخاص في الإسكندرية والقاهرة والسويس فور صدور الحكم بسبب الغضب من تبرئة القيادات الأمنية المتهمة بقمع الانتفاضة ضد مبارك وقتل 850 شخصاً على الأقل.

ودعت جماعة الإخوان المسلمين وحملات المرشحين الرئاسيين حمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح اللذين خرجا من سباق الرئاسة بعد الجولة الأولى للانتخابات إلى التظاهر اعتبارا من عصر اليوم كما وجهت حركة 6 أبريل الاحتجاجية الشبابية دعوات مماثلة.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت جماعة الإخوان تدعو إلى النزول للميادين اليوم للتظاهر احتجاجا على الحكم، قال المتحدث باسم الجماعة محمود غزلان لفرانس برس "نعم .. نعم"، مضيفاً "إذا كان قادة الشرطة أبرياء فمن الذي قتل المتظاهرين".

ووصف مرشح جماعة الإخوان المسلمين لانتخابات الرئاسة محمد مرسي الحكم الذي صدر في قضية مبارك بأنه "هزلي".

ويخوض مرسي في 16 و17 يونيو الحالي جولة الإعادة لأول انتخابات رئاسية مصرية منذ إسقاط مبارك في مواجهة آخر رئيس وزراء في عهد مبارك قائد القوات الجوية الأسبق الفريق أحمد شفيق الذي دعا من جانبه إلى "قبول" الأحكام القضائية.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن شفيق أكد في بيان أصدره بعد الحكم في قضية مبارك أنه "يحترم أحكام القضاء ويؤكد على أن منهجه إذا ما حصل على ثقة الشعب سيكون هو احترام القانون وتعزيز استقلال القضاء وأنه كمرشح لرئاسة الجمهورية يؤكد إصراره على قبول كل الحكم القضائي".

وأكد صباحي دعمه للمتظاهرين كاتبا على موقعه على تويتر "لن نخون دماء الشهداء. لن نسمح بإعادة إنتاج نظام القمع والفساد والاستبداد. ثورتنا مستمرة".

ونقل مبارك فور إعلان النطق بالحكم، بناء على أمر من النائب العام المصري عبدالمجيد محمود، إلى مستشفى سجن مزرعة طرة بالقاهرة بعد أن كان يقيم منذ بدء المحاكمة في أغسطس الماضي في المركز الطبي العالمي (شرق القاهرة) وهو مستشفى تابع للجيش.

وقال التلفزيون الرسمي المصري اليوم إن مبارك "أصيب بأزمة صحية حادة لدى وصوله إلى السجن وتمت معالجته بالطائرة" المروحية التي نقلته إلى هناك ثم أفاد مصدر أمني أنه دخل مستشفى السجن بعد ذلك.

ولم يبد على مبارك الذي حضر جلسة النطق بالحكم على سرير طبي نقال وكان يرتدي نظارة شمسية سوداء رد فعل معين بعد إعلان معاقبته بالسجن المؤبد في حين ظهر جمال مبارك والدموع في عينيه.

وقضت المحكمة ببراءة مبارك من الاتهامات الموجهة إليه بالتربح من صفقة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل.

وقال المستشار أحمد رفعت أن المحكمة قضت "ببراءة" مبارك "مما أسند إليه من جناية الاشتراك مع موظف عمومي (وزير البترول في عهد مبارك سامح فهمي) بالحصول لغيره (رجل الأعمال حسين سالم الهارب في إسبانيا) على منفعة من عمل من أعمال وظيفته".

وكانت النياية العامة وجهت إلى مبارك تهمة الاشتراك مع وزير البترول الأسبق سامح فهمي وبعض قيادات وزارة البترول والمتهم حسين سالم السابق إحالتهم للمحاكمة الجنائية في ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم من الحصول على منافع وأرباح مالية بغير حق تزيد على 2 مليار دولار وذلك بإسناد الغاز الطبيعي المصري للشركة التي يمثلها وتصديره ونقله إلى إسرائيل بأسعار متدنية أقل من كلفة إنتاجه".

وفور النطق بالحكم هتف محامو أسر الضحايا "باطل .. باطل" و"الشعب يريد تطهير القضاء" وتلت ذلك صدامات لبضع دقائق داخل قاعة المحكمة.

كما وقعت اشتباكات خارج قاعة المحكمة بين رجال الشرطة وبضع عشرات من أسر ضحايا الثورة. ثم حدثت صدامات بين أسر الضحايا وأنصار مبارك المتجمعين كذلك خارج مقر المحكمة إلا أن الشرطة احتوت الموقف، بحسب صحافي من وكالة فرانس برس.

وأكد القاضي أحمد رفعت في الاستهلال الذي تلاه قبل الحكم أن المحكمة اضطرت إلى استبعاد "شهود الإثبات بعد أن استمعت إلى بعض منهم حين ظهر لها أن منهم من اتهم بشهادة زور" أو "بإتلاف أدلة" القضية.

وأعلن أحد أعضاء هيئة الدفاع عن مبارك المحامي ياسر بحر أنه سيطعن على الحكم أمام محكمة النقض.

وقال لوكالة فرانس برس "هذا الحكم به عوار قانوني من كل ناحية وسنطعن عليه ومليون في المئة ستقرر محكمة النقض إعادة المحاكمة".

وأكد القاضي أن التهم الموجهة إلى نجلي مبارك، علاء وجمال، سقطت بالتقادم وبالتالي "انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة لهما". وكان محاموهما أكدوا أن واقعة استغلال نفوذ والدهما لشراء منزلين في منتجع شرم الشيخ بأقل من السعر السائد في السوق سقطت بالتقادم لمرور أكثر من عشر سنوات عليها.

إلا أن جمال وعلاء مبارك، اللذين حصلا عملياً على حكم بالبراءة، سيظلان في الحبس الاحتياطي على ذمة قضية أخرى بناء على قرار أصدره النائب العام.

وأحيل نجلا الرئيس السابق الأربعاء إلى محاكمة جديدة بتهمة التلاعب في البورصة المصرية.

وأعلن المتحدث الرسمي للنيابة العامة عادل السعيد أن تحقيقات النيابة العامة "كشفت النقاب عن أن إجمالي المبالغ التى تحصل عليها المتهمون مقدارها 2 مليار و51 مليوناً و28 ألفاً و648 جنيهاً" من خلال التلاعب في البورصة.

وأشاد المستشار أحمد رفعت في مستهل حكمه بالثورة على مبارك وشدد أكثر من مرة على أن المتظاهرين خرجوا "سلميين منادين سلمية سلمية سلمية ملء أفواههم حين كانت بطونهم خاوية".