جبريل جعفر - جازان


أحد المبدعين في علم تطوير الذات بدأ حياته كفني هندسة طيران، أرسلته دولته لأميركا لأخذ دورة في مجاله.. انتقل بعدها ليمارس عمله على أرض الواقع وفي الأجواء الحارة وبين الزيوت وتحت أصوات المحركات. ولأنه لم يجد حينها إلا هذا العمل استمر لمدة عشر سنوات غير مقتنع بأنه في الطريق السليم، وأن هذا العمل لا يليق بطموحاته، فأصر على رسم خارطة حياته العملية من جديد، فحصل على البكالوريوس في مجال الإدارة منتسبا دون أن يترك عمله، وواصل الماجستير في مجال التدريب والتخطيط الإستراتيجي، وعين بعد ذلك مديراً لإدارة التطوير والتدريب في ذات المنشأة التي يعمل فيها، وهو الآن راض عن عمله الجديد كمدرب مستقل في مجال علم تطوير الذات.. ينتقل من مدينة إلى أخرى مستمتعا بمجال عمله الذي يحبه والذي يثبت فيه ذاته.

وفي مجتمعنا نرى البعض يلهث وراء المناصب وهو غير أهل لها، وعند حصوله عليها يبدأ بالوقوع في الفخ فتراه يتصرف تصرفات تنفر الناس من حوله ويخيم على جو العمل نوع من الكآبة فتفشل أهداف المؤسسة التي يقودها ويتراجع الإنتاج لمستويات أقل من المتوقع، والخاسر الأول في ذلك هو عجلة التنمية لدينا، وذلك لم يكن ليحصل لو عرف كل شخص حجم قدراته واختار لنفسه ما يلائمها.

في عالم الطب مثلا يختار للأسف بعض الطلاب المتخرجين من الثانوية بدرجات عالية التخصصات الطبية، إما لرغبة الوالدين أو إشادة من المقربين من أحدهم به أو للمردود المادي من هذه المهنة. ولأن هذه المهنة هي خدمة نبيلة للإنسانية، فسرعان ما يظهر فشلهم فتراهم يتزاحمون على المراكز الإدارية ليبتعدوا عن مواجهة المرضى الذين سرعان ما يلاحظون أن هؤلاء الأطباء إنما أساؤوا الاختيار ولبسوا ثيابا ليست ملائمة لمقاس قدراتهم.

الإنسان خلق مخيرا وليس مسيرا فهو الذي يعرف إمكاناته وحجم قدراته، وهو من لديه القدرة على اختيار أسلوب العيش الذي يلائم حياته. ولو أن كل شخص منا عرف حجم قدراته لعاش حياة مفعمة بالسعادة وراحة البال، ولشارك بإيجابية في بناء أسرته ومجتمعه ووطنه.