بمناسبة زواج ابنته المصون (تشيلسي) إلى (الشاب) مارك مزفنسكي، وزع زعيم أمريكا والعالم الأسبق، بيل كلنتون، رقاع الدعوة للمدعوين نهاية الشهر في استراحة (رافيبيك) شمال ولاية نيويورك الأمريكية. تخيلوا فقط لو أن هذا العالم بأسره ثقافة واحدة ولغة واحدة. كيف سيحضر شعراء – الردَّة – من بادية كلورادو أو من شعف كولومبيا، وكيف ستكون – الدمَّة – من تهائم كاليفورنيا وأصدار فلوريدا؟ متى سيذهب بيل كلينتون بصحبة السيد مزفنسكي (والد الزوج) إلى (أحد نيوجرسي) أو (خميس كارولاينا) لشراء اثنين من الحاشي وأربعين خروفاً؟ وهل سيختاران طريقة المندي الحضرمي أم السليق الطايفي لهذه الوليمة؟ وفي القيم الاجتماعية وثقافة الإنسان والشعوب، أنا لا أؤمن أن قيمة لهؤلاء أو ثقافة هناك تتفوق على قيمة أو ثقافة أخرى مناظرة. كل ما في الأمر أننا اليوم أسرى لتقاليد مناسبات لم يكن عليها الآباء ولا الأجداد. لم تتزوج أمي بأبي على هذه الطريقة المغالية ولن يتزوج ابني مستقبلاً على طريقة زواجي البسيطة. وكل ما في الأمر مرة أخرى، أننا نخرج من كل صالة أو مجلس ونحن نشجب هذه التقاليد وندبج في ذمها وإسرافها ما لذ وطاب من الخطب. نستمع إلى الداعية الجليل قبيل العشاء ثم ننهض بعد ذلك إلى الأطباق المتناثرة ومن تحت (لحانا) مباشرة إلى صناديق الزبالة، وأول من يخالف هذا النسق (المذموم) هم من ينكره ويتنكر له. ندخل صالة الزواج وكل ينظر إلى ساعته ونخرج منها بذات العجلة التي يخرج فيها الناس من المقبرة. لم يعد في الأفراح ما يبهج ومن المفارقات المؤلمة المضحكة أن هذه الصالات صارت المكان الوحيد الذي يجتمع تحته كل الأضداد من المتحاسدين والمتخاصمين ومن آكلي لحوم بعضهم البعض. لا شيء يظهر كل نفاقنا الاجتماعي في صورة واحدة مثلما تظهرها صالة الزواج حتى أصبح الأمل والمطلب لصاحب الدعوة أن ينتهي المساء مسالماً وأن تمر حفلة النفاق على خير. تصوروا أننا اليوم أعلى من المعدل الأمريكي لحالات الطلاق ثم اسألوا عن الأسباب. أحدها ليس إلا البناء على الباطل.