محمد عبدالله العتيبي
الخرج
لا تختلف كثيرا نشأة الفرد في مجتمعنا بكافة طبقاته ومستوياته, فالتربية منذ الصغر أحد أبرز ذلك التشابه بين كثير من المربين, فالمولود بفطرته - عندما يأتي إلى هذه الدنيا - يتخلق بصفات جينية في سلوكه ومشاعره وأخلاقه، خاصة به، لم تتأثر بعد بأي مؤثر خارجي ممن حوله, وحينما يكبر يبدأ الأبوان والمحيطون به داخل الأسرة بممارسة لغة الأمر والنهي، وتكون تلك الأساليب - الطارئة - المتخذة ضده هي المشكل الكبير لشخصيته, وعندما نتعامل معه على أنه كبير - نسابق زمنه - وننعته بالرجولة ونحمله مسؤوليات أكبر من سنه وتفوق قدراته ومهاراته العقلية، ونتحكم بسلوكه ومشاعره - الفطرية - ونسلبها منه من دون قصد حتى يصبح تابعا ومقلدا معدوم الشخصية أو جزءا منها - حتى في أدق تفاصيله الخاصة - ينشأ وينمو على هذا النسق الجديد المفروض عليه حتى يقع بين نقيضين! شخصية فطرية وشخصية متأثرة بما حولها.. فشخصيته الأولى تحثه على الأخلاق الحميدة والتعامل الحسن مع الآخرين - حسن الظن المنضبط - والقدرة على إظهار مشاعره الطبيعية والتعبير عنها ومهاراته الفردية الخاصة والمشاركة بالرأي والأفكار التي تؤدي به جميعها إلى الإيجابية والنجاح, فهي تقوده للتسامح والرضا والتعايش مع النفس والآخرين، وتعززه بشعور عميق مطمئن ومتوازن في كل جوانب حياته (الدينية - الدنيوية - الأخلاقية), والعكس من ذلك تلك الشخصية - المكتسبة - المتأثرة بالبيئة المحيطة, ونتيجة لذلك التناقض يخرج لنا أفراد - مضطربون - فاقدون للشعور بالثقة، وهذا ما يفسر لنا تزايد أعداد العيادات النفسية وبعض الدجالين الذين يعالجون تحت مظلة (الرقية الشرعية)!
ومن دلائل ذلك التناقض تصرفات البعض وسلوكهم وسوء تعاملهم عند احتكاكهم بالآخرين، وكذلك ما يحدث من بعض النقاد وتعاطيهم مع قضايا اجتماعية تبدأ بالمنع والاستنكار وتنتهي بالموافقة!
ولكن مع كل هذا نجد أن هناك وعيا بين المربين - بكافة مجالاتهم وتخصصاتهم - في عصر الإعلام والمعرفة، يجعلوننا نتفاءل خيرا بأن يخرجوا لنا جيلا واعيا راقيا يملك كل أدوات النقد الإيجابي، مسلحا بالعقيدة الصافية والإيمان الراسخ قبل كل ذلك، لينهض بنفسه ويساهم في بناء مجتمعه, وفي المقابل نأمل أن تصحح بعض المفاهيم الخاطئة لدى البعض.