ما إن تأكد المصريون من هوية طرفي موقعة الإعادة حتى أصابتهم الحيرة، حيث وجدوا أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر، فإما رئيس آخر حكومة للرئيس المخلوع أحمد شفيق الذي تطارده اتهامات الولاء لمبارك ومحاولة إعادة إنتاج نظامه، أو المرشح الإخواني محمد مرسي المتهم بالخضوع للمرشد واختطاف مصر باتجاه تكوين الدولة الدينية التي يخشى الجميع ظهورها.
وبدأ شفيق في مغازلة الجميع، حتى خصومه عندما أكد في تصريحات خاصة لـ "الوطن" أنه لا يمانع من أن يكون رئيس حكومته حال فوزه بجولة الإعادة من الإخوان المسلمين، "خاصة أنهم أصحاب الأكثرية في البرلمان"، مشيراً إلى أن حديثه هذا من منطلق حرصه وخوفه على المصلحة العليا للبلاد. مشيراً إلى أن الحديث عن استعادة نظام مبارك مدعاة للسخرية، وقال "الأمور تغيرت ولا يمكن لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء مرة أخرى". مبدياً استعداده لإجراء أي حوارات أو عقد صفقات أو تحالفات سياسية طالما سيكون ذلك في خدمة الشعب، وتابع "الفترة المقبلة تحتاج لتحالفات واتفاق بين كل التيارات والقوى السياسية للخروج بمصر إلى بر الأمان". وخصَّ شفيق بحديثه الشباب الذين يتهمونه بسرقة ثورتهم، ووعدهم بإعادة ثمارها إليهم، وأن يكون لهم موقع الصدارة في الجمهورية الجديدة، وعدم إقصاء أي منهم، وأن رأيهم سيُسمع ويناقش، واصفاً جولة الانتخابات الأولى بأنها تاريخية. وشدد الفريق على أن مصر ملك للجميع بلا استثناء أو إقصاء، مشيراً إلى أنه تعهَّد في بداية برنامجه الانتخابي بالأمن وتحقيق العدل الاجتماعي، وهما من أهم وأبرز مطالب الثورة، رافضاً إغراق البلاد في الفوضى وأن يبقى القانون فوق الجميع، وأن يحقق التنمية في كل أنحاء مصر، في مجالات التعليم والصحة ووسائل النقل، واعداً بحل أزمة البطالة، لافتاً إلى أنه لا يسعى إلى الحكم من أجل السلطة، ولا يسعى للرئاسة من أجل المكانة.
ولم ينس شفيق مغازلة بقية المرشحين الرئاسيين، حيث وجَّه الشكر لحمدين صباحي وحملته ووصفه بالمنافس الصلب، وعبد المنعم أبو الفتوح الذي قال إنه طبيب وسياسي مرموق، موجهاً الشكر أيضاً إلى عمرو موسى، ووصف محمد سليم العوا بالمفكر المستنير، وأنه "عف اللسان"، كما وصف مرسي بالشريك في الجولة الثانية.
بدوره أكد الدكتور محمد مرسي على صعوبة المرحلة التي تعيشها مصر حالياً مؤكداً "ضرورة تكاتف قوى الثورة المصرية في مواجهة أصحاب المصالح الذين يسعون إلى إعادة نظام مبارك". وأضاف "الثورة في خطر، ونحن أمام تحدٍ حقيقي وكل القوى الثورية مدعوة إلى الحوار لمواجهة الأخطار المحدقة بالثورة". كما قال منسق حملته ياسر علي في تصريحات لـ "الوطن" "مبادرة مرسي لإنقاذ الثورة تأتي من منطلق إيمانه بأن الوطن والأمة في خطر، ومن هنا كانت مشاوراته مع عدد من مرشحي الرئاسة الوطنيين ورؤساء الأحزاب لاستكمال بناء الوطن".
وكانت المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل المواصلات وأماكن العمل قد شهدت جدلاً محتدماً بين مؤيدي كل مرشح، فأنصار شفيق يدعون أنه قادر على إدارة مصر في المرحلة المقبلة بحكم خبراته وقدراته على استعادة الأمن وطمأنة الداخل والخارج في ظل مناورات غير واضحة وغير مفهومة من الإخوان. بينما رأى أنصار مرسي أنه يستند إلى جماعة لديها فكر واضح ورؤية دقيقة لمستقبل مصر، حيث يستند إلى ألفي أستاذ جامعة من بين أعضاء الجماعة لديهم القدرة على التأطير والتنظير وتقديم الرؤية. وبين هذا وذاك يرى فريق ثالث يمثِّل التيارات الثورية أن انتخاب شفيق يعني إعادة إنتاج نظام مبارك، لأنه كان أحد أركانه، وكان شريكاً في موقعة الجمل التي قصمت ظهر نظام مبارك، وفي هذا الصدد قال المخرج خالد يوسف إن خلافه مع الإخوان سياسي، بينما خلافه مع شفيق جنائي. وبدوره دعا الكاتب علاء الأسواني إلى تشكيل تحالف شعبي ثوري لمناصرة مرسي.
من جانبه بدأ حزب الحرية والعدالة الرهان على التحالفات لجمع أصوات أعداء شفيق ومن بينهم الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح والناصري حمدين صباحي، والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.
إلى ذلك يعتزم المرشح حمدين صباحي الذي حل في المركز الثالث تقديم شكوى بسبب تجاوزات، كما أفاد محاميه محمود قنديل أمس، وأضاف "سنرفع شكوى إلى اللجنة الانتخابية لحصول تجاوزات" قد تكون أثرت على النتائج.
الخارجية السعودية: الوثيقة المتداولة حول الانتخابات المصرية مزورة
جدة: واس
قال رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية السفير أسامة نقلي إن الوثيقة المتداولة في الإنترنت من وزير خارجية المملكة العربية السعودية إلى السفارة في القاهرة حول الانتخابات المصرية مزوَّرة، وإن التزوير واضح جداً ومثير للسخرية، كون مضمونها يتعارض مع سياسة المملكة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما أنها لا تتواءم أصلاً مع مخاطبات وزارة الخارجية لا من ناحية الشكل أو الأسلوب أو المضمون، علاوة على أن التوقيع الذي تحمله ليس توقيع سمو وزير الخارجية أو أي مسؤول بالوزارة، كما أن الوزارة تعتمد في مخاطباتها التاريخ الهجري وليس الميلادي كما هو مذكور في الوثيقة. وأضاف نقلي أنه لا يوجد ما يسمى بـ "وزير الخارجية السعودية" كما تشير الوثيقة، بل المنصب الرسمي هو وزير خارجية المملكة العربية السعودية، كما أن سفير خادم الحرمين الشريفين لدى القاهرة على مرتبة "معالي" وليس سعادة.