بعد قدوم العاملة المنزلية من بلدها يتم إدخالها في منازلنا بدون معرفة سابقة عن وضع هذه القادمة، فلا يوجد لدى الكفيل، أو أفراد أسرته أية معلومات عنها، أو عن خلفياتها السابقة، أو عن مستوياتها التعليمية، أو عن خبراتها الماضية، أو عن حالتها النفسية، وغيرها من المجالات الأخرى التي قد تؤثر على استمرارها، واستقرارها لدى الأسرة التي تعمل في منزلها عدا الكشف الطبي الذي تم إجراؤه في بلدها كمتطلب للحصول على التأشيرة، ويقتصر هذا الكشف على الجوانب الوبائية بالدرجة الأولى، وتتم إعادة الكشف الطبي والتحاليل الطبية بعد وصولها، ولو لم يكن هذا الكشف الطبي من متطلبات الحصول على الإقامة لما تم إجراؤه من قبل العديد من الأسر، مع أنه ضروري جدا ويصب في مصلحة كامل الأسرة، ومع عدم توافر المعلومات الضرورية عن هذه الغريبة التي يُرحب بها، وتدخل منازلنا، وتصبح لديها حرية الحركة داخل منازلنا وكأنها أحد أفراد الأسرة؛ إلا أن أهداف قدوم كثير منهن لا تقتصر على الحصول على المال، بل إن هناك أهدافا أخرى خفية وغير معلنة، ولقد ظهرت بعض السلوكيات السلبية، أو الإجرامية من بعضهن كانعكاس أو ترجمة حقيقية لهذه الأهداف.
ونظرا للتوسع في الاستقدام وزيادة الطلب عن العرض لم تكن هناك عملية انتقاء واختيار من قبل المكاتب في بلد العاملة المنزلية، بل يتم إرسال جميع من يتقدم للعمل في الخارج بما فيهم من عيوب وسلبيات، ونتيجة لذلك تعرضت كثير من الأسر للسحر، كما تم تفريق بعض الأزواج من قبل بعض العاملات بأساليب مختلفة، وتكبدت العديد من الأسر خسائر كبيرة نتيجة للسرقات من قبل بعضهن مثل سرقات الأموال والذهب، والمجوهرات، كما قد يساعد بعضهن الغرباء على السطو على المنازل التي يعملن بها، ولم يقتصر الأمر على الجوانب السلبية التي ذكرت بعضا منها، بل تعدى الأمر ذلك إلى جرائم القتل التي تكررت في كثير من المدن مثل قتل الطفل مشاري في المنطقة الشرقية، وقتل الطفل أسامة في عرعر، وكان آخر هذه الجرائم جريمة قتل الطفلة تالا ذات الأربع سنوات في ينبع، وكانت من أشنع الجرائم التي شهدتها المملكة في الأيام القليلة الماضية، وهي جريمة كبيرة في حق طفلة بريئة، بل في حق وطن بأكمله، وحقيقة الأمر أن الجريمة تمت والمجرمة في كامل قواها العقلية، ومدركة لما قامت به من جرم، ومن خلال المقابلة التلفزيونية معها في برنامج الثامنة أوضحت أنها ليست نادمة على ما قامت به، بالرغم من اعترافها بأن معاملة أسرة تالا كانت بأدب واحترام، وأن مخصصاتها المالية كاملة غير منقوصة وفي وقتها، وأكدت على أن ما شجعها على تنفيذ جريمتها هي الرسالة التي وصلتها على الجوال التي تحثها على الانتقام، وهنا أتساءل عن دواعي الانتقام، ولماذا الانتقام؟ طالما أن كل شيء على ما يرام كما اعترفت به أمام الملايين من المشاهدين، وهذا ليس بمبرر يمكن قبوله للقيام بقتل طفلة بريئة، ولكن لديها استعداد مسبق للقيام بهذه الجريمة، وقد تكون مخططة لها منذ زمن بعيد.
من يتابع مفاوضات الاستقدام من إندونيسيا يجد أن هناك تعنتا كبيرا من الجانب الإندونيسي، كل يوم يُقدم شروطا إضافية غير معقولة، أو مقبولة، وهنا أوجه نداءً لمعالي وزير العمل على أن يجمد المفاوضات تماما، ويوقف الاستقدام من إندونيسيا بشكل كامل، ومن تنتهي فترتها من العاملات المنزليات في المملكة تكون تأشيرتها خروجا بدون عودة، ويتم البحث في أقطار المعمورة عن بدائل، وأنا على يقين بأن ذلك ممكن، ومن السهل تحقيقه، ولا نستمر في المفاوضات التي لن ينتج عنها إلا تعنت، وزيادة في الشروط غير المنطقية، ومن باب الإنصاف فإن هناك نسبة من العاملات في منازلنا يقمن بدورهن على أكمل وجه، وبعض منهن قضى من عمره في السعودية أكثر مما قضاه في بلده، وعملن بجد وإخلاص، ولكن هذه الفئة قليلة، وكانت عملية قدومها للمملكة من خلال الانتقاء، كما أن معاملة الأسر في السعودية في الغالب تتصف بالتقدير والاحترام لهذه الفئة التي تعمل في منازلنا، ويتوقع أن تكون معاملتهن إيجابية للأسر السعودية وأفرادها.
من العوامل التي يمكن أن تحد من الحاجة إلى العاملات المنزليات أن يكون هناك مراكز حضانة في المدن والمحافظات يتم تشغيلها من قبل التجار والقادرين في هذه المناطق وفق ضوابط محددة وواضحة المعالم، ومرخصة من الجهات المختصة، على أن يقتصر العمل في هذه المراكز على السعوديات فقط، وبذلك تطمئن الأمهات على أطفالهن، ونحافظ على أطفالنا، ونعمل على إيجاد فرص وظيفية عديدة لبناتنا المتخرجات من المرحلة الجامعية ممن لم يلتحقن بأي عمل، وفي الختام أكرر دعوتي للأسر غير المحتاجة للعاملة المنزلية ألا تستقدم من قد يكون سببا في سحر أو قتل بعض أفراد الأسرة، كفانا الله جميعا شر من فيه شر.