بعد رؤساء مصر في جمهوريتها الأولى اللواء محمد نجيب، وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، فمن يكون أول رئيس لها في جمهوريتها الثانية؟ ولمن تبتسم مصر وهي تفتح قلبها لأول رئيس منتخب على مدى تاريخها الطويل؟
أسئلة لم تعد سوى اختيار بين اثنين، الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة حسب ما تشير إليه النتائج شبه الرسمية، فماذا تقول أوراق السيرة الذاتية لكل منهما؟
مرسي.. القادم من بعيد
يعترف الدكتور محمد مرسي بأنه لم يكن يرد على خلده أن تختاره جماعة الإخوان المسلمين مرشحاً لها في انتخابات الرئاسة المصرية، بل ويؤكد أنه عندما كانت زوجته تطالبه بأن ترشح الجماعة مرشحاً احتياطياً خوفاً من استبعاد مرشحها الأساسي المهندس خيرت الشاطر من الانتخابات، كان يلوذ بجدار الصمت حتى لا يخبرها بأن مجلس شورى الجماعة يفكر في ذلك بصورة جدية وأنه أحد المرشحين لخوض تلك الانتخابات. ما يعني قناعته الشخصية بأنه لم يكن الخيار الأول للجماعة، بل كان مرشحا احتياطيا تم الدفع به بعد استبعاد نائب المرشد العام خيرت الشاطر لأسباب قانونية.
لكنه في الوقت ذاته لا يخجل من كونه مرشحاً احتياطياً، مثلما يفخر أنصاره بأن مرشحهم الاحتياطي هو رئيس لأكبر حزب في البرلمان وهو حزب الحرية والعدالة الذي فاز بأكثر من 40% من مقاعد مجلس الشعب المصري.
ورغم أن مرسي لم يكن وجها جماهيريا معروفا، إلا أن جماعة الإخوان ألقت بكل ثقلها وبآلتها التنظيمية والانتخابية القوية وراءه، ما ساعده على أن يكتسب ثقة في نفسه مع تصاعد حملته. ونظم الإخوان "سلسلة بشرية" لدعمه من الإسكندرية في أقصى شمال مصر إلى أسوان في أقصى الجنوب، وكثفت الدعاية له لتضفي عليه سمة رئاسية.
الفريق أحمد شفيق.. ظل الجنرال
لا يخفي الفريق أحمد شفيق اعتزازه وولاءه بكونه رجلاً ذا تاريخ عسكري، ولا ينكر في لقاءاته وأحاديثه أنه لم يكن ليترشح لانتخابات الرئاسة قبل الرجوع إلى المشير حسين طنطاوي فيما يشبه الاستئذان، فللعسكرية حسب قوله "قواعد وأصول لا يمكن تجاهلها".
ولا ينكر أيضاً علاقته الوظيفية، حسب تعبيره، بالرئيس السابق حسني مبارك، حيث كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، كما شغل منصب وزير الطيران المدني لمدة تسع سنوات، وهو ما جعل شفيق عرضة للانتقادات من قبل الثوار خاصة وأنه احتفظ في وزارته بالعديد من وزراء مبارك في حكومته ما اضطر المجلس العسكري إلى تغييره بعد شهر من إسقاط مبارك تحت ضغط الشارع.
وكاد شفيق الذي كان رئيسا لأركان القوات الجوية أن يستبعد من سباق الرئاسة بعد إصدار قانون يمنع رموز النظام السابق من الترشح للانتخابات الرئاسية. إلا أنه أعيد إدراجه ضمن المتنافسين على المنصب بعد إحالة هذا القانون إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في مدى دستوريته.
لكن شفيق رغم كل الضغوط التي تعرضت لها حملته الانتخابية، نجح في أن يصنع لنفسه سمعة طيبة كتكنوقراطي جيد، إضافة إلى تاريخه العسكري لكونه طيارا حربيا، وهو ما يتمثل في تباهيه الدائم بذلك التاريخ، مشيراً في حملته الانتخابية إلى أنه "شارك في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل (1969ـ 1970) وأسقط طائرتين إسرائيليتين".
وفي بلد جاء كل رؤسائه حتى الآن من الجيش، يقول الفريق شفيق إنه "يفخر ويتشرف" بأنه "أحد أبناء القوات المسلحة"، معتبراً أن انتماءه السابق إلى الجيش سيمكنه من إقامة "علاقة سلسة" مع الجيش إذا ما انتخب رئيسا للجمهورية. غير أن هذا الماضي العسكري يضعف موقفه بالنسبة لقطاع من المصريين يريد الفصل بين الرئاسة والجيش.