د. عبدالله محمد القرشي

الرياض


هناك تشابه بين المملكة والدول المتقدمة في بعض الأمور ومنها أن العمالة وخاصة العربية أو الإفريقية أو الآسيوية تدفع الغالي والنفيس للوصول إلى المملكة، وهذا هو ما يحدث مع بعض الدول الغربية مثل فرنسا، بريطانيا، ألمانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة الأميركية.

كل ذلك من أجل الحصول على فرص العمل.

الغرب لديه أمور آخرى وهي فرص الدراسة والسياحة، كون لغة الدراسة تتوافق مع متطلبات العمالة الآسيوية أو الإفريقية أو دول شمال إفريقيا العربية والأمر الآخر الحياة المريحة والمناظر الجميلة وغيرها.

الفرق بيننا وبين الغرب أن لدى الغرب أجهزة تعنى بشؤون المهاجرين بشكل منظم وصارم ودقيق.

أما نحن فرغم الجهود الكبيرة من قبل وزارة الداخلية ووزارة العمل إلا أننا لا نزال نلاحظ يوميا أنواعا مختلفة من العمالة السائبة عند تقاطع الإشارات المرورية وفي أماكن كثيرة ومعـينة في شـوارع المدن؛ في إشارة واضحة إلى أن سوق العمل لدينا لا يـزال يواجه تـدفق عمـالة سائـبة ومـستترة تمرح في المدن دون رقابة صارمة.

ليس ذلك فحسب بل إنه أصبح لدينا بطالة أخرى من العمالة الوافدة. وهذا سوف ينعكس سلبا على المجتمع بشكل أو بآخر اليوم أو غداً. يفترض أن لا يبقى في المملكة إلا ذوو المهارات العالية والنادرة ومن يحتاجه المجتمع بشكل ضروري. أعتقد أن للمنشآت العشوائية الصغيرة دور كبير في إحداث هذا التضخم الكبير في العمالة الوافدة غير النظامية.

ما يميز الغرب أن هناك تعاونا كبيرا بين رجل الأمن والمواطن. فالمواطن يباشر بالاتصال بأجهزة الأمن حالما يرى أمرا غير عادي. فالعلاقة بين المواطن ورجل الأمن علاقة وطيدة تقوم على مبدأ الثقة وحسن الظن. وهذا ما نتمناه في مجتمعنا اليوم. ولتحقيق ذلك فإننا بحاجة إلى القضاء على التستر أولاً بكل حزم وقوة.

مزاحمة العمالة الوافدة لأبناء الوطن أصبحت حديث الساعة والمجالس وهم الدولة والمواطن الغيور معاً.

ناهيك عن الأموال المحولة سنويا للخارج والتي تفوق المليار ريال سعودي حالياً.

فأينما تذهب تجد العامل الأجنبي أمامك بدءاً من السائق إلى عامل البقالة أو السوبر ماركت أو المخبز، والصيدلي والبائع في السوق وبائع الخضار واللحوم وفي المزرعة وعامل البناء والمدرس في المدارس الخاصة وفي الفندق وفي كل مكان، وأصبح السعودي كأنه هو الضيف في بلده.

لاشك أن للعمالة الوافدة النظامية كل التقـدير والاحترام والشكر على دورهـا في البناء التنموي والتطور في المملـكة منذ بدأت في تنفيذ الخطط التنموية مطلع التسعينيات الهجرية. لكن الوضع الآن تغير وأصبح لدينا خريجون وخريجات بالآلاف والأولوية بالطبع لهؤلاء.

اعتقد أن إحداث وكالة أو وزارة خاصة بالعمالة الوافدة لمراقبة ومتابعة كل ما يتعلق بها منذ دخولها إلى المملكة وحتى عودتها إلى دولها بعد انتهاء فترة عملها لأمر في غاية الأهمية خاصة وأعداد العمالة تزداد يوما بعد يوم وعاما بعد عام.

وفي المقابل خريجو المدارس والمعاهد والكليات والجامعات الداخلية والخارجية يزداد بمعدلات مطردة كل عام.

في حين تتفرغ وزارة العمل لتأهيل وتدريب وتنسيق توظيف المواطنين والخريجين والمبتعثين العـائدين في القـطاع الخاص وهذا أمر ليس بالسهل، وأعتقد أنه تحد كبير إذا ما تفرغت له الوزارة وحققته فسوف يسجل التاريخ ذلك بمداد من ذهب لوزارة العمل.

شيء من هذا القبيل قد يكون بداية جادة للحد من أمرين معا هما البطالة والعمالة الوافدة السائبة.