حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أمس من المحاولات الرامية إلى تصعيد التوتر الأمني والسياسي في لبنان على خلفية الأحداث الدائرة في سورية. وناشد جميع القيادات اللبنانية بالتحلي بالحكمة وضبط النفس والوقوف بحزم ضد كل من يحاول العبث بأمن لبنان واستقراره. وأكد العربي حرص الجامعة العربية على مواصلة جهودها ومشاوراتها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية من أجل مساعدة لبنان على احتواء الموقف وتجاوز تداعيات الأحداث المؤسفة التي أصابت لبنان ومضاعفاتها.

وفي السياق نفسه قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن انتقال أعمال العنف من سورية إلى لبنان يشكل "خطرا حقيقيا"، مضيفا خلال لقائه صحفيين في موسكو أمس أن "خطر امتداد النزاع إلى لبنان أصبح حقيقيا حيث يمكن أن تنتهي الأمور بشكل سيئ نظرا للتاريخ والتشكيلة العرقية والدينية للسكان والمبادىء التي بنيت عليها الدولة اللبنانية". وأضاف "أنه تطور خطير جدا للوضع يجب الإفلات منه بأي ثمن".

ويرى محللون أن لبنان بات رهينة النزاع في سورية بعد سلسلة مواجهات أمنية دامية وقعت فيه أخيرا بين مناهضين ومؤيدين لنظام الرئيس بشار الأسد.

وأعادت شظايا الزجاج المحطم المتناثر في الشوارع وصفوف السيارات المحترقة ذكريات غير مرحب بها بالحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) لأذهان سكان بيروت الاثنين الماضي. ولكن الشرارة جاءت من الخارج لتندلع الاشتباكات بين أنصار مسلحين للرئيس السوري بشار الأسد ومعارضيه في العاصمة اللبنانية. وقد تركت المواجهات الدامية الكثيرين في بيروت في حالة من الخوف والفزع. وقال أحمد داعوق من سكان المنطقة "ألوم الفصيلين لعدم إدراكهما أن هناك من المحتمل طرفا ثالثا يحاول إثارة حرب طائفية في هذا البلد لتشتيت الانتباه عما يجري داخل سورية". وأضاف "كل من يقف وراء ما يحدث، يحاول جر لبنان بالقوة إلى العاصفة السورية". وكانت شوارع حي الطريق الجديد بأغلبيته السنية مهجورة جزئيا الاثنين الماضي فيما عدا بعض السكان الذين كانوا يرفعون الحطام من منازلهم أو متاجرهم.

وتتزايد المخاوف حاليا من أن الثورة في سورية التي بدأت قبل 15 شهرا، تزحف لداخل لبنان القابل للاشتعال. وقال أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية شفيق المصري، إنه برغم أنه تم نشر الجيش اللبناني لاستعادة الهدوء في المدينة، إلا أن "الأمن لا يزال ضعيفا وسط كل التوتر السائد في جميع أنحاء البلاد". وأضاف أن "المفجر سيكون دائما جاهزا للانفجار في أي وقت". وقد قسمت الانتفاضة ضد الأسد، لبنان بين المعارضة المدعومة من الغرب والعرب وجماعة حزب الله التي تهيمن على الحكومة اللبنانية والمتحالفة مع سورية وإيران. لكن معركة بيروت التى اندلعت الأحد الماضي كانت مختلفة. فقد اندلعت الاشتباكات بين جماعتين سنيتين متنافستين وهما حركة تيار المستقبل التابعة لرئيس الوزراء السابق سعد الحريري الذي يعارض الأسد، وجماعة أخرى موالية لشخصية سياسية سنية بارزة وهي شاكر برجاوي الذي يدعم بقوة النظام السوري. وقالت حسناء إبراهيم من سكان الطريق الجديد "هذا غير مقبول. لا يمكننا العيش تحت رحمة ميليشيات تحمل السلاح وتهدد حياتنا".