فيما أخذت قضية الإسكان في مؤتمر "اليورو موني" الذي اختتمت أعماله أمس في الرياض، اهتماماً واسعاً ونقاشاً مطولاً، اتفق المشاركون والحضور على أن أسعار الأراضي لا تخدم هذه القضية، مشيرين خلال الجلسة التي خصصت لـ"الإسكان"، إلى أن سعر الأرض يشكل ما نسبته 50% من تكلفة البناء.

كما شهدت الجلسة مطالبات بتسريع تطبيق نظام الرهن العقاري، مؤكدين أن من شأن تطبيقه الدفع بالممولين إلى المنافسة الشريفة التي ستخدم طالبي المساكن في المقام الأول، وتمنح لهم الخيارات العديدة حول البناء والشراء، الأمر الذي من شأنه تقليص الفرق الشاسع بين العرض والطلب اللذين تشهدهما سوق العقار في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من الشد والجذب اللذين شهدتهما الجلسة، وبروز الكثير من الآراء والمطالب حول تسريع تصحيح البيئة العقارية في المملكة، إلا أن بعض الحضور أكد أن ما يتم مناقشته لا يمثل سوى محاور مستهلكة لا تخدم القضية في حين أن أهم عامل لخدمة القضية والمتمثل في بلورة الأفكار إلى واقع ملموس، لا يزال غائباً.

وبعد الانتهاء من جلسة "الإسكان"، قال رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض المهندس علي الزيد لـ"الوطن" والذي كان أحد متحدثي الجلسة، إن كل الحوارات حول الإسكان تؤكد دائما الحاجة الماسة لمعالجة هذه القضية، مشيراً إلى أن قضية الإسكان تواجه العديد من التحديات لعل أبرزها بطء وضعف قدرات القطاع العام والخاص لتلبية الطلب الكبير للإسكان، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضي.

وعن معاناة الشباب في الحصول على مساكن قال الزيد إنهم يشكلون الفئة الأهم للحصول على مساكن، لتأمين الاستقرار لهم ولمستقبلهم العملي والإنتاجي، مشيراً إلى أنهم يشكلون أحد عناصر المجتمع الذي تسعى الحكومة إلى تمكينه من خلال بنية تحتية هي الإسكان كي يلعب الشباب دورا هاما جدا في الإنتاج والعمل والمساهمة في تنمية المجتمع.

وذكر الزيد أن وزارة الإسكان تقوم بدور كبير جدا ومهم، حيث تعمل على استراتيجية كبيرة جداً، لافتاً إلى أنها أخذت منحى رائعاً جداً، متوقعاً أن تحقق مخرجاتها على أرض الواقع نتائج إيجابية.

وأضاف الزيد أن الأمور المتعلقة بقضية الإسكان تسير في طريق صحيح، إلا أن هناك شحاً كبيراً جداً في الوقت الحالي، بسبب الطلب العالي على الإسكان، الأمر الذي كان له تأثير واضح على التضخم مما شكل عائقاً قاسياً أمام قدرة الشباب على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

ودعا إلى تطبيق نظام الرهن العقاري، لما له من ضمانات كافية بين الشاب السعودي والمطور العقاري أو صاحب الملك، إذ إنه أداة مهمة جدا لتسخير كثير من رؤوس الأموال المخزونة في العقار.

وكان مؤتمر اليورو موني قد اختتم فعالياته أمس، بعقد عدد من الجلسات النقاشية المتخصصة التي تبحث في قضايا المشهد المالي للمملكة والعالم وقضية الإسكان في المملكة، خاصة مع إعلان المملكة إطلاق مشروع إسكاني ضخم لبناء نحو 500 ألف وحدة سكنية، وتخصيص مبالغ مالية إضافية لدعم صندوق التنمية العقارية، ورفع حجم القرض ليصل إلى 500 ألف ريال، ومناقشة نظام الرهن العقاري الذي تترقب الأوساط العقارية صدوره في الفترة القادمة.

من جهته قال الدكتور إبراهيم الغفيلي، الرئيس التنفيذي لمركز الريادة للاستشارات الاقتصادية، لـ"الوطن"، إنه من أجل حل أزمة الإسكان وارتفاع أسعار الأراضي، لابد للدول من استصدار قانون أو نظام لتحرير الأراضي المكتنزة، والتي لم تدخل سوق تطوير العقار في أراضي كل المدن الكبيرة، مشيراً إلى أن هذه الأراضي المكتنزة تستحوذ على مساحات كبيرة يملكها ملاك مضاربون، اكتنزوها على مدار السنين مما رفع أسعارها دون دخول السوق.

وأضاف: "يجب أن يصدر قانون لتحفيزهم بأن تتبنى الدولة تكلفة إدخال المرافق العامة كالكهرباء والماء والصرف الصحي والهاتف"، الأمر الذي من شأنه استثمار هذه الأراض على أرض الواقع وتجنيب ملاكها الاستمرار في المضاربات التي تضر السوق العقاري.

كما أشار إلى وجود حل آخر يتمثل في تعاقد ملاك الأراضي المكتنزة مع وزارة الإسكان لتطويرها إلى مساكن للبيع، مضيفاً أنه في حال رفض الملاك تطوير أراضيهم، تفرض الدولة عليهم الزكاة السنوية لتحرير الأرض.