قدرت لمسؤولي إدارة وتحرير "الوطن" أنهم نأوا بأنفسهم وبمنتجهم عن الجدل الساخن بين سدنة الصحافة السعودية حول نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز "إبسوس " ووضع هذه الصحيفة ثانية من حيث الانتشار وحجم المقروئية. ونحن سعداء جدا بهذا المركز لأن صحيفتنا دائما ما تراهن منذ اليوم الأول على اتساع قاعدة القارئ النخبوي الذي تستهدفه وما النتائج إلا دليل على مثل هذا التحول الثقافي للقاعدة العريضة للقارئ السعودي في العقد الأخير من الزمن، وهذه ليست محور النقاش ولا القضية.

القضية أن – أحدا – من المنصفين لن ينسى أو يتجاهل أن الزميل الغالي، تركي السديري، يمثل وحده مشوارا استثنائيا في تاريخ الصحافة السعودية، بل مدرسة مستقلة أوصل منتجه إلى نجاح استثنائي متصل. ولأنه اليوم على هرم النقاش الساخن حول – إبسوس – فليتقبل نقاشي المختلف ولو من باب أن رأس التحرير دوما في حرب من الجدل في كل دقائق حياته وساعاتها. ذات – الإبسوس – الذي ينكر – أبو عبدالله – أرقامه اليوم هو ذات – الماركة – التي طالما تغنى بها، بل هو ذات – اللوغو – الذي يضعه على الدوام تحت اسم صحيفة الرياض في الموقع الإلكتروني. سأقول له ما يقوله المثل الصيني (لا تلعن النهر عندما لا يصب اليوم في مزرعتك). هو ذات – الإبسوس – الذي أحدث قبل البارحة ضجة عالمية وهو يشير إلى تقدم رومني على أوباما للمرة الأولى في استطلاعات الرأي فكيف تعترف وكالات الأنباء العالمية ومحللوها بصدمة هذا الاستطلاع وللمفارقة أيضا تنشره صحيفة الرياض، ربما في سهو شارد. ورفضا أو قبولا، فإن – إبسوس – هو مركز الاستطلاع الأهم لاتجاهات الإعلام في 82 بلدا حول العالم منها 29 دولة في الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية، وهو ثاني مراكز الاستطلاع قاطبة في حجم الدخل العائد من الاستثمار بعد (غالوب) ولا يمكن أبدا أن يبيع تاريخه العريق، وهو الغني، ببضعة دولارات كما هي التهمة. سهل جدا أن تشتري التهمة ولكن الأصعب أن تبيع الإثبات أو البرهان. وبودي لو أن أستاذنا الكبير قرأ من صاعقة الواقع ونتائج الاستطلاع مجرد حقيقتين: الأولى أن يقرأ أسماء الصحف العربية القليلة التي اشترت معه ذات التهمة ليعرف أين يصف بصحيفته العملاقة ومن هو الذي يقف معه وبودي أن يرفع منتجه من الوقوف مع الصغار كما أعرفه شامخا فوق الصغائر. الثانية: أن يتوجه بهذا الجدل إلى منسوبي صحيفته لأن كشف الحساب يبدأ من الداخل وما أرقام الآخرين في وسائط الاستطلاع إلا حصيلة هذا الكشف الحسابي. لديه كل الإمكانات التي تخضع أرقام الغير بدلا من الركون والتهاون مثلما يستطيع أن يخضع حقائق إبسوس لأرقام الجهد الداخلي في مؤسسته.