في الحكاية القديمة عن "تلميذ الساحر"، تنقلب القوة السحرية على الساحر، وتبدأ بالتبرعم دون سيطرة مهددة الشخص الذي صنعها. مغامرة إسرائيل الأخيرة باستخدام طائرات بدون طيار بشكل عدائي فوق أراضيها تذكرنا بهذه الحكاية. عندما يتعلق الأمر بالطائرات بدون طيار واستخدامها للتجسس والقتل، تعتبر إسرائيل مثل ورشة الساحر، حيث أتقنت تكنولوجيا تستطيع أن تقتل – دون وجود إنسان - من السماء. الآن، يبدو أن إسرائيل تخشى الوحش الذي خلقته.

في 6 أكتوبر، أسقطت القوى الجوية الإسرائيلية طائرة بدون طيار فيما كانت تحلق في جنوب إسرائيل. كان ذلك أخطر وأعقد اختراق للمجال الجوي الإسرائيلي منذ سنوات، والمتحدث العسكري الإسرائيلي تحدث دون توقف عن مدى "عدم نجاح" مهمة الطائرة بدون طيار. معلقون إسرائيليون آخرون يشيرون إلى أن مجرد دخول الطائرة بدون طيار فوق إسرائيل هو النجاح، ويقولون إن هناك خوفا حقيقيا بين القادة الإسرائيليين وراء الستار. الطائرة كانت قد اجتازت شاطئ البحر المتوسط لمدة لم يتم الإفصاح عنها، وحلقت في المجال الجوي الإسرائيلي لمدة 20 دقيقة قبل أن يتم إسقاطها فوق صحراء النجف. إسرائيل تتنقل بين الصمت حينا والحركة المفرطة حينا آخر حول الحادثة. الدعاية الإسرائيلية تقول إن الطائرة جاءت في الأصل من إيران، على الأغلب عن طريق حزب الله جنوب لبنان. سواء كان ذلك صحيحا أم لا، هذه الرواية تخدم إصرار حكومة نتنياهو على بدء الحرب ضد إيران.

هناك شيء واحد مؤكد لمصادر الاستخبارات الأميركية: الطائرة كانت أكثر تطورا مما كان يعتقد الإسرائيليون أن خصومهم يمتلكونها، والحكومة الإسرائيلية متضايقة إلى الحد الأعلى. يوم الاثنين 8 أكتوبر، تم نقل عدة بطاريات صواريخ باتريوت بشكل عاجل من شمال إسرائيل للحماية ضد أي محاولة من قوى معادية لمتابعة اختراق الطائرة بدون طيار. بطاريات الباتريوت لا يتم تفعيلها إلا في المناورات العسكرية مع الولايات المتحدة، وفي حال الاستعداد للحرب.

صحيفة أروتز شيفا الصهيونية المتطرفة قالت إنه في حوالي الساعة الـ5 من فجر يوم الأربعاء، أمر مسؤولون في مطار بن جوريون ثلاث رحلات جوية بالهبوط بسبب "قراءة خاطئة لشاشة رادار تبين أن طائرة أخرى بدون طيار ربما تكون قد اخترقت" المجال الجوي الإسرائيلي.

إسرائيل تحاول جاهدة التأكد مما تواجهه. هل يمكن استخدام نسخ من الطائرات المجهولة ضد مخترع النظام نفسه؟

في 22 سبتمبر الماضي، قتلت الطائرات الإسرائيلية بدون طيار فلسطينيين في غزة. الضربات ليست بلا صوت ولا سرية. في عام 2008، نقلت وكالة أسوسيتد بريس من غزة أن "الفلسطينيين يقولون إنهم يعرفون عندما تكون طائرة إسرائيلية بدون طيار في الجو: الهواتف الخليوية تتوقف عن العمل، استقبال التلفزيون يتعرض للتشويش، ويستطيعون أن يسمعوا أزيزا عن بعد. كما أنهم على الأرجح يعرفون ما يمكن أن يأتي بعد ذلك: انفجار مدمر على الأرض".

وفي 2009، قام تلفزيون الجارديان في بريطانيا بتحقيق خاص بعنوان: "تحقيق عن جرائم حرب غزة: الطائرات الإسرائيلية بدون طيار".. يبدأ تقرير التلفزيون الخاص كما يلي:

"قامت إسرائيل بتجربة رائدة لنوع جديد لسلاح دقيق يكشف كل شيء، الطائرة المسلحة بدون طيار. قدرات هذا الصياد القاتل، الذي يستطيع أن يكتشف شخصا يمشي في شارع بدقة، ما زالت سرا عسكريا. استخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين جريمة حرب. وقد كشف تحقيق للجارديان عن أدلة من الجيش الإسرائيلي نفسه يبين مدى دقة رؤية هذه الأسلحة. لماذا قتلت إحدى هذه الطائرات بدون طيار إذا عائلة كاملة كانت تتناول العشاء في الساحة؟ لماذا استهدفت هذه الطائرات القاتلة مجموعة من النساء والفتيات وهن يمشين في الشارع ويحملن علما أبيض؟"

تلفزيون الجارديان يعرض مقابلة مع أحد الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في تلك الساحة في غزة في 2009. يتحدث الفلسطيني كيف أن الطائرة بدون طيار كانت "في السماء فوق، تراقبهم. بعد ذلك أطلقت النار. نزل الصاروخ هنا،" يقول الرجل مشيرا إلى ساحته: "كان الصاروخ مثل كرة نارية... عدنا إلى الخارج. وجدنا محمد ملقى هنا، وهو مقسوم نصفين. أحمد كان مقسوما ثلاثة قطع. وحيد كان محترقا تماما. عيناه كانتا مقلوعتان".

خطر الطائرات بدون طيار على الفلسطينيين دائم. أسطول من الطائرات بدون طيار يحلق باستمرار فوق غزة وحدودها، تذكر السكان أنهم تحت المراقبة وأنهم يمكن أن يتعرضوا للقصف في أي لحظة.

عمليات القتل بالطائرات بدون طيار هي جرائم حرب. من المأساوي أن الولايات المتحدة، بدلا من أن تمنع جرائم الحرب، في عهد الرئيسين الأخيرين بوش وأوباما، تبنيا برنامج القتل بالطائرات بدون طيار ويستخدمانه بشكل يومي.

في يونيو 2012، مقرر الأمم المتحدة الخاص لجرائم القتل خارج القضاء والإعدامات الميدانية، كريستوف هينز، قال في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن البرنامج الأميركي للقتل باستخدام الطائرات بدون طيار لا يهدد فقط 60 عاما من القانون الدولي، لكن بعض الهجمات يمكن أن ترقى أيضا إلى جرائم حرب.

وتساءل هينز: "هل سنقبل بتغييرات رئيسية للنظام القانوني الدولي الموجود منذ الحرب العالمية الثانية؟" وأضاف أن بعض الدول: "تجد القتل المستهدف جذابا لدرجة كبيرة... عمليات الاستهداف الحالية تضعف سيادة القانون".

ما يقلق هينز يحدث كل يوم. القوانين الدولية لمنع هذا موجودة، ولا إسرائيل ولا الولايات المتحدة فوق القانون.