أطلق خبيران اقتصاديان تحذيرات شديدة من أزمة ديون تلوح في الأفق بعد أن تجاوزت القروض الاستهلاكية في المملكة 246 مليار ريال، خلال الربع الأول من العام الحالي مسجلة نموا كبيرا مقارنة بالأعوام الماضية.

وشدد الخبيران على ضرورة مواجهة القروض بسن سياسات جديدة تحد من الاقتراض غير المبرر أو من التعثر في السداد قبل نهاية العام الحالي خاصة بعد أن رفعت المصارف المحلية نسبة مخصصاتها الائتمانية خلال الربع الأول إلى 34% مقارنة بالربع الماثل رغم أن القروض المتعثرة تراجعت بنهاية الربع الأول إلى 20 مليار ريال.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاج إن نمو علميات الإقراض من المؤسسات المالية في المملكة للقروض الاستهلاكية يعد مؤشرا خطيرا يستدعي ضرورة التدخل من مؤسسة النقد لتقنين عمليات الإقراض غير المنتج.

وأضاف أن مبالغ الاقتراض الاستهلاكية خلال الربع الأول من العالم الحالي مقابل عدد السكان يكشف أن هناك اندفاعا كبيرا واختلالات ضخمة وتاريخية في التعامل المالي بين المقرض والمقترض.

وشدد على دور تفعيل السجل الائتماني وتتبع صرف تلك القروض في مواقعها الصحيحة.

وأشار إلى أن البيانات توضح أن التمويل العقاري في الربع الأول لم يتعد 31 مليارا فقط من أصل 246 مليار ريال، تمثل إجمالي القروض خلال الربع الأول مما يعني أن هناك اختلالات أخرى داخل عمليات الإقراض بذاتها من حيث نوعية القروض لأن الأصل أن تستأثر القروض العقارية بالنصيب الأكبر في القواعد العامة لعمليات الإقراض.

واعتبر أن وصول قروض السيارات خلال الربع الأول إلى 51 مليار ريال، يدلل على طبيعة استهلاكية في المجتمع السعودي تنذر بمخاطر مقبلة لا محالة.

وأكد باعجاج أن استمرار نمو الإقراض الاستهلاكية غير المنتجة ستؤدي إلى إشكاليات على الصعيد المالي للأسر وعلى التركيبة الاجتماعية خلافا لأضرارها الكثيرة على الاقتصاد الوطني الذي بات أكثر إلحاحا للتحول للاقتصاد المعرفي والمنتج المتنوع.

وتوقع أن تتعثر بعض الجهات أو الأفراد في تسديد القروض والفوائد في مواعيدها قبل نهاية العام مما سيجبر المصارف على تحوط ائتماني وتخصص مالي أكثر لمواجهة الديون المعدومة.

وعن ربط المصارف القروض بالرواتب، قال باعجاج إن الربط ساهم في اندفاع المصارف لإقراض الموظفين على حساب الشركات لضمان التسديد من الراتب أو احتجازه مما يوقع الفرد والأسرة في دوامة ديون جديدة للوفاء بالالتزامات.

وذكر أن الحلول تكمن في مزيد من التشريعات الوقائية وبث التوعية في وسائل الإعلام وتمكين الأفراد من الادخار وتقنين الموازنة الأسرية ودعم المصارف للاقتطاعات الادخارية بدلا من التشجيع على الاقتراض.

وأبان أن سوق الإقراض والدين من الأسواق الناشطة في المملكة بديل الانتشار السريع لنشاط المصارف والتوسع الكبير لشركات التقسيط في كل أنحاء المملكة خاصة إذا كانت الفوائد مركبة على المقترض.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور حبيب التركستاني أن نمو علميات الاقتراض الاستهلاكي في 90 يوما فقط إلى مستوى 246 مليارا يدلل على النمو السلبي الذي سيؤثر في الاقتصاد المحلي.

واصفا الرقم "بالمخيف جدا" خاصةً أن كافة القروض تعد استهلاكية بحتة غير منتجة وليس لها مردود على الفرد أو الاقتصاد الوطني.

وتابع التركستاني قائلا إن الأزمات المالية التي أثرت على الدول المتقدمة بدأت من التوسع في الإقراض سواء للأفراد أو القطاع الخاص.

وطالب بموقف حازم من المؤسسات المالية وإدارة النقد في المملكة لحماية الأفراد من مغبة الديون في ظل اقتصاد متنامي وقوي مشيرا إلى ضرورة انعكاس وضع المملكة الجيد على الأفراد.

وصادق التركستاني على تصريحات باعجاج حول انتشار شركات التقسيط وتأثيراتها السلبية على الأفراد بما يمارس ضد المستهلك بعمليات التغرير خاصة مع ارتفاع معدلات الفوائد من تلك الشركات.

وحذر من غياب المعلومات حول توجه تلك الأموال الحقيقي فالكثير من العملاء يستلم القرض لشراء سيارة لكنه يغامر بها في سوق الأسهم ، مشددا على ضرورة تعقب تلك الأموال وإلى أين تصرف بالضبط؟ للإسهام في حماية الأفراد.

ونبه التركستاني إلى مخاطر أخرى تتمثل بإعادة جدولة القرض بين المصرف والعميل لزيادة سنوات الاقتراض، داعيا الجهات المسؤولة إلى دراسة المشكلة من جميع جوانبها قبل استفحالها لبناء قوانين جديدة تحد من أو تخفض من القروض الاستهلاكية.

ولفت إلى أهمية توسيع برامج التكافل الاجتماعي والجمعيات للحصول على المال المطلوب دون قروض بنكية.

وكانت تقارير قد بينت أمس أن المصارف السعودية رفعت نسبة مخصصاتها الائتمانية إلى 34% مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي.