أستطيع أن أقول بارتياح أن الصحفيين كانوا وراء جل القضايا التي وصلت إلى أروقة هيئة مكافحة الفساد، إن لم يكن كلها. وأستطيع أن أقول - بارتياح أيضاً - أن معظم الصحفيين الذين اكتشفوا تلك القضايا هم من فئة "المتعاونين"، الذين تتعامل معهم هيئة الصحفيين وكأنهم أبناء غير شرعيين لها.
استيعاب الأهمية والقيمة التي يشكلها "الصحفي المتعاون" هي الكفيلة بالوقوف معه، لنيل حقوقه التي توازي ثمار عمله، وهي الكفيلة بأن يحظى بالتقدير والحماية التي يستحقها. وهنا الحديث لا يعني هيئة الصحفيين فقط، بل يعني كافة أجهزة الدولة.
منذ أن أعلنت نتائج انتخابات أعضاء مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، والجميع يترقب ما ستسفر عنه تلك الأسماء التي حاز معظمها على مباركة أغلب الصحفيين، ليقينهم أنهم يستشعرون كل ما يواجهه الصحفيون ـ بكل فئاتهم ـ من متاعب لممارسة عملهم بالشكل الصحيح، وبما يمثل السلطة التي يشكلونها.
قد لا يعلم بعض القراء الكرام، أن ذلك الخبر الذي يحمل اكتشاف اختلاسات بالملايين، كانت نتيجة ملاحقة "صحفي متعاون" يتقاضى مكافأة لا توازي ثمن "كاميرا" جيدة، بل لا توازي ثمن المكالمات التي يجريها بهاتفه النقال. وقد لا يعلم القارئ الكريم أن الخبر المثير الذي قرأه في صحيفته، عن اكتشاف قضية فساد أو رشوة أو اختلاس، ربما يدفع ثمنها ذلك الصحفي الذي قاتل بشرف ووطنية ومهنية في سبيل أداء مهمته.
بالأمس، حدثني أحد الزملاء الصحفيين عما تعرض له من مضايقات، بسبب نشره لتقرير صحفي عن إهمال وفساد في إحدى الجهات، وهي حالة متكررة يعيشها معظم الصحفيين. وبالتأكيد لن نسأل هنا عن دور هيئة الصحفيين التي لم تقدم ـ حتى اللحظة ـ ما هو أقل من ذلك بكثير. ومثلما بدأت بالإشارة إلى هيئة مكافحة الفساد، أختم بها متأملاً ألاّ تكتفي بمتابعة الأخبار المنشورة عن قضايا الفساد وحسب، بل تتابع ما يتعرض له ذلك الصحفي النبيل الذي سلمهم تلك القضية.