كنا عائدين من صنعاء بعد رحلة ممتعة، ديوان عبدالرحمن موكلي على "طبلون" الباجيرو التي يملكها الشاعر علي الأمير، يقول موكلي عن ديوانه في مكانه هذا إنه "حرز" يعني تعويذة للسيارة. بعد نصف ساعة من كلامه وقعنا في حادث سير على بعد 30 كلم من حرض اليمنية.

الواقع أننا كنا محل عناية المسؤولين السعوديين في السفارة والملحقية الثقافية، ومحل عناية المسؤولين اليمنيين وعدد من الأصدقاء في حرض، وانتهى بنا الأمر بعد وقت قصير إلى أن سحبنا ونش المرور اليمني حتى أمام البوابة السعودية تماما. وهناك وجدنا الأخوين الشاجري ونبيل ودخلنا البلد مسحوبين.

المهم: حرض، لم تعد كما كانت. قبل خمس سنوات كانت موحشة في الليل، الآن تغير الحال. حدثني أحد العاملين في الجمرك عن عشرة آلاف سعودي يعبرون الجمرك ليلة الأربعاء فقط لا يمثلون سوى فرقة المشاة من حشود العابرين. وهذه الحشود مستمرة طوال الأسبوع، وتلك الفنادق كلها أقيمت لهم. كثير منهم يشتري مقاضي البيت من هناك ويدخل بها ليليا. وشاهدت بعيني من يحمل معه ذبائح كاملة لأنه يجد اللحمة أرخص هناك، ومع ارتفاع أسعار اللحوم بأنواعها عندنا سترتفع نسبة الشراء من هناك، ولا يمكن لأحد أن يلومهم على ذلك.

أثناء وقوفنا أمام البوابة السعودية في انتظار السحب كانت أفواج المشاة تمر بنا آخر الليل عائدين إلى بيوتهم، لا يحمل الواحد منهم سوى جواز سفره وبعض المقاضي. ولم يهوّن علينا وعثاءنا إلا الاستمتاع بمراقبة هذه النفرة اليومية.

حرض تشهد حركة اقتصاد، على أكثر من صعيد ونحن أبطالها. وهناك أسباب موضوعية لها. إنني أهنئ الإخوة اليمنيين على حسهم الاقتصادي واقتناص الفرصة وترسيخها، كما أهنئ المستفيدين السعوديين على حسن تدبيرهم.

لا يوجد "تعويذة" نعلقها في مكان ما تقنع الناس بشراء الأغلى!