ما يفعله سعادة المهندس، إبراهيم الخليل، أمين منطقة عسير، مع القصة المتسارعة لفصل 36 شاباً من بلدية خميس مشيط بعد شهرين من استلام الوظيفة ليس إلا أنه، مع الإصرار، يخلق من هؤلاء الشباب قصة امتحان مع وطنهم ليصنع منهم أنفساً جاهزة للإحباط ومشاريع للكراهية. وعلى شاكلته أجزم أن بيننا عشرات المسؤولين الذين يغتالون هذا الوطن في عيون هؤلاء الشباب رغم الوطن الكريم الذي يقدم لأبنائه ملايين الفرص المشرعة. ولاحظوا أن وراء كل شاب، أسرة من عشرة ثم تأملوا حجم الدائرة التي تغتالها أفكار الاستعلاء والفوقية والبيروقراطية. وحين قابلني بعض هؤلاء الشباب بالأمس، سأقول للإنصاف إن توظيفهم في الأصل، ربما كان مخالفاً للتعاميم، لكن قرار فصلهم بعد شهرين من الأمان ومن الفرحة كان مخالفاً لكل القواعد الأخلاقية والإنسانية. كان مخالفاً تماماً لمظلة وطني التي اتسعت لعشرات الطائرات الوافدة يومياً إلى مطاراتنا ثم يكتشف هؤلاء الشباب أن سعادة ـ الأمين ـ يقتل وطناً لم ير أنه يتسع أيضاً لحمولة باص واحد. علاج الخطأ بالخطأ المقابل لا يؤدي مطلقاً إلى قرار صحيح. كان على سعادة الأمين أن يحاسب مسؤوليه الذين وقَّعوا على ما رآه خطأ بالأصل، لا أن يحاسب 36 أسرة سعودية مواطنة على هذه ـ الفراطة ـ المخجلة في الأصل، فنحن نتحدث عن شباب قبلوا بنود الوظيفة عمال نظافة وصيانة. الخطأ الذي ابتدأ إدارياً يجب ألا ينتهي كارثياً بقرار يصنع 36 مشروعاً للإحباط. وكل هذا يحدث لأنني سأكون ـ الأمين ـ من حولك واسأل عني فأنا متجرد من أي مصلحة: انزل إلى (مستوانا) دور واحد لنصعد إلى مستوى أفكارك المدهشة ثلاثة أدوار كي نكسر حاجز الصمت الذي تصر أن تكون فوقه منذ أتيت. ولك ولكل مسؤول في كل قطاع سأكون صريحاً حتى لا نصدق كذبة القانون. انتداب كبار الموظفين في المبنى الواحد يكفي راتب كل هؤلاء في شهر. قسط سيارة مستأجرة لموظف من الطبقة الوسطى، ومن المال العام، يكفي لراتب شابين. عقد صيانة الأجهزة في المبنى، سعادة الأمين، يكفيهم لست سنوات كاملة، ولكنني أربأ بقلمي أن يضرب فيما يعرفه تحت الحزام. نحن لا نعرف بعضنا البعض أبداً أبداً ولم نتقابل ولم نتقاطع مع بعضنا البعض في مصلحة حتى نظن أن القصة شخصية. هؤلاء الشباب في القيمة الوطنية أهم من الكباري وأغلى من الأنفاق وأثمن من الأجهزة. كل شاب هو وطني فلا تصادروه.