إذا لم يمتلك بعض الوزراء الحلول لمشاكل المواطنين الهامة والتي تمس قوتهم وحياتهم اليومية فمن سيجد الحل؟

عندما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء، نصح وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم المواطنين من ذوي الدخل المتوسط بالاتجاه نحو اللحوم البيضاء "الدواجن"، وطالب المواطنين بتغيير عاداتهم الغذائية، وعدم جعل اللحوم وجبة يومية، حتى يضطر التجار إلى خفض الأسعار، وبعدها بأقل من أسبوعين ارتفعت أسعار الدواجن، وأصبحت اللحوم بشقيها البيضاء والحمراء صعبة المنال، ليعود بالغنيم ويؤكد أنه "لا يستطيع فعل شيء"، رداً على سؤال أحد الصحفيين له عن سبب عدم تدخل الوزارة للحد من ارتفاع أسعار اللحوم.

أعتقد – وبشكل عام- أنه عندما يصل المسؤول لمرحلة لا يستطيع فيها فعل شيء في قضية يفترض أن تكون ضمن مسؤولياته الأساسية، فإن هذا يعني أنه ووزارته قد فشلا!

في المشكلات الأساسية والكبرى، مطلوب من الوزراء والمسؤولين المبادرة إلى الحلول، وأن يفعلوا "شيئاً"، وألا يقفوا في موقف المتفرج! وفي أزمة اللحوم بشقيها "أشياء" كثيرة مطلوب فعلها لجعل أسعارها في متناول المواطن العادي، وعجز وزارة الزراعة عن القيام بواجبها تجاه زيادة الأسعار - بسبب الأعلاف كما يقال- يعني فشلها في واجبها تجاه المواطن، إذ لا يمكن أن تتحول الوزارة إلى ضحية مثلها مثل المواطنين، وتكون عاجزة عن اتخاذ السياسات والوسائل والإجراءات اللازمة للوصول إلى حلول.

في حوار له مع الزميلة "عكاظ" نفى الوزير بالغنيم علاقة وزارة الزراعة بارتفاع الأسعار، مؤكداً أن المنتج المحلي من اللحوم البيضاء لا يتجاوز 45% من حجم الاستهلاك، مما يعني أن وزارة الزراعة ليس لديها سلطان على اللحوم المستوردة، ولكي تتمكن الوزارة من السيطرة على أسعار اللحوم يجب أن ترفع هذه النسبة على الأقل 90%، علماً بأن الوزارة هي المسؤولة عن الزراعة في البلاد وبالتالي هي المسؤولة والمطالبة بزيادة المنتج المحلي من اللحوم والدواجن، وحل مشاكل الأعلاف ومربي الماشية والأغنام والدواجن، فكون المنتج المحلي من اللحوم لا يتجاوز الـ45 % من الاستهلاك، فإن ذلك يعني أنها مشكلة أساسية يفترض حلها أولا برسم سياسات للمدى القريب المنظور واتخاذ إجراءات عاجلة للوصول إلى النسبة التي تتواءم مع الاستهلاك.

لكن ولأن الوزارة ليس لديها - مع الأسف - حلول لتلك المشاكل، فقد طالبت المواطنين بتغيير عاداتهم الغذائية، وهجر اللحوم، ووفقاً لمنطقها وسياساتها فإن المطلوب من المواطنين هجر اللحوم الحمراء، والبيضاء، والأرز قبل ذلك، ومن المزارعين عدم شراء الأعلاف لارتفاع سعرها، فتموت الحيوانات ويصاب المواطن بسوء تغذية وتنتشر الأمراض! وبدلا من البحث عن زيادة الإنتاج، فإننا نخفض نسبة الاستهلاك إلى 45%، ونكون وفق منطق الوزارة قد أنهينا مشكلة زيادة أسعار اللحوم والدواجن والأرز والأعلاف!

الوزير في ذات السياق السابق، وفي نفس الحوار قال "والله العظيم يوم الاثنين مساءً بعد مجلس الوزراء نزلت إلى سوق البنقلة لأتفقد الأسعار، ووجدت الأمور جيدة، على المواطن أن يشتري نصف كيلو طماطم بدلاً من كرتون".. إذن - ووفقا لمنطق الوزير- فإن المشكلة تكمن في شراء المواطن لكرتون من الطماطم في حين أن المفترض أن يشتري نصف كيلو! هل هذه هي الحلول الجوهرية التي تقدمها وزارة الزراعة للمواطنين؟

سأختم بالتأكيد على ما قاله معالي الوزير في حواره مع "عكاظ": "نعرف جيداً مصلحة المواطن، ونتقاضى رواتبنا كوزراء لخدمة المواطن، وإذا لم نخدم المواطن لا نستحق أن نبقى في كراسينا، ومن لم يخدم المواطن لا يستحق أن يبقى في موقعه".. وذلك هو الموقف الشفاف والوطني الذي من المفترض أن يكون في ذهن كل مسؤول عندما يفشل في القيام بواجبه كما ينبغي، وهنا نعود لمعاليه بالسؤال: هل بقي لدى وزارتكم حلول؟

* بادر عدد من المراكز التموينية الكبرى بالإعلان عن بيع الدجاج بسعر التكلفة إلى نهاية هذا العام، وأقول لهم شكرا، فهذا المأمول من التجار عند اشتداد الأزمات، لأن تقديم مصلحة المواطن على الربح يعد عملا وطنيا بامتياز.