أظن أي مسؤول يقرأ مقالي هذه اللحظة سيتذكر تلك الشنطة الحديدية التي تحمل إليه أثناء سفره أو وجوده في الخارج.. شنط حديدية كبيرة بيضاء اللون، مليئة بالمعاملات والأوراق والملفات، يتم شحنها إليه كأي قطعة عفش، الفرق فقط في حالة الضياع.. هناك قطعة عفش سيتم شراء بديل عنها من أقرب "مول" بينما الحقيبة الأخرى - إن ضاعت أو فقدت - سيضيع معها الكثيرون!

آخر مرة تحدثت عن الورق كانت بتاريخ 24/1/2012، وأعود اليوم قبل انقضاء العام للحديث عنه مرة أخرى، والذي أعادني هو ما يتداوله الناس أن إحدى وزارات الدولة منعت استخدام الورق في مكاتبها - لم أجد من يؤكد لي هذا الخبر - لكن هذا يعني في حال ثبوته أن تلك الوزارة تحولت إلى إلكترونية 100%، ولو كنت جوار الوزير وهو يعلن ذلك لقلت له: "قل غيرها طال عمرك"! مستحيل.... كيف استطعت ذلك.. هل تعاقدت مع موظفين جدد؟!

تخيل أن تدخل بيديك إلى هذه الوزارة لا تحمل أي ورقة، ستشعر بالخجل - "الأخ جاي يتمشى"! - تخيل أن تدخل مكتب الموظف ولا تجد على طاولته أي ورقة.. مجرد جهاز كمبيوتر صغير، "يبدو أنك في المكان الخطأ. أين اختفت أكوام الورق؟!"، وتخيل ما هو أكبر حينما يسافر وزير هذه الوزارة إلى الخارج، لا يحمل معه سوى ذاكرة صغيرة "فلاش ميموري" بحجم الإصبع الصغير.. وجهاز كومبيوتر لوحي صغير يحمله على كتفه إن أراد، هل هذه الأحلام معقدة وصعبة التحقيق!

ما زلت أتذكر أحد المسؤولين - الطامحين إلى كرسي الوزارة حينها - وهو يتفاخر أمامي بأن الطريق بين مكتبه ومنزله مزدحم، ولذلك فهو يستغل الوقت، ويحمل معه المعاملات لإنجازها في السيارة، ولذلك فسيارته مليئة بالأوراق والمعاملات.. لم يكن يعلم أنه بذلك إنما يبرهن على عقليته القديمة.. كان بإمكانه إنجاز كل العمل عبر جهاز هاتف ذكي، أو كمبيوتر محمول، لكن فاقد الشيء لا يعطيه!