ربما لا تحتاج وأنت متوجه صوب مستشفى ظهران الجنوب العام إلى الكثير من التفكير حول ما يعانيه هذا المستشفى، الذي يعد من أقدم مستشفيات منطقة عسير، فبداية تواجهك مواقف السيارات المتعرجة والضيقة، لتعطيك انطباعا أوليا عن حال المستشفى المتعثر، والذي وصفه بعض المراجعين، بأنه متهالك ويعاني من نقص الخدمات والكودار الطبية والتمريضية.
وفي جولة لـ"الوطن" داخل مستشفى ظهران الجنوب العام -بدأت بقسم الطوارىء- رصدت مشهد إدخال مريض منهك، قيل أنه من الجنسية اليمنية ويعاني من آلام في القلب، وتبين من خلال الإحصائيات المسجلة أن 40% من مرضى المستشفى هم من اليمنيين القادمين عبر الحدود، ويعانون من أمراض مستعصية، وهم يعالجون وفقا لاتفاقية بين المملكة واليمن، حيث استقبل المستشفى في ذلك اليوم أكثر من 30 حالة، مما شكل عبئا إضافيا على المستشفى.
مشاكل متعددة
أحد المراجعين لقسم الطوارئ ويدعى عوض يحيى القاضي، أكد حاجة المستشفى إلى الكثير من الدعم والعناية في كافة التخصصات، وقال "50% من طاقة المستشفى التشغيلية متوقفة بسبب أعمال الترميم والصيانة، التي لم ينته من مرحلتها الأولى بعد، رغم مضي أكثر من عامين، مشيرا إلى أن عملية ترميم المستشفى تمر بأربع مراحل، وتتجاوز تكلفتها 14 مليون ريال.
وانتقد القاضي مسؤولي وزارة الصحة الذين لا يزالون -كما يقول- غير متفاعلين مع مطالبهم التي تصب جميعها على ضرورة دعم مستشفى ظهران الجنوب بالأطباء في مختلف التخصصات، وقادنا القاضي إلى أقسام التنويم حيث وجدنا جناحا واحدا فقط يعمل، بينما الأجنحة الأخرى لا تزال مغلقة منذ 3 سنوات بحجة الصيانة، مما تسبب في حشر المرضى في غرف ضيقة، دون مراعاة لنوعية الإصابات وسن المرضى.
وخلال جولة "الوطن" في غرف المرضى، أكد حامد عبدالله آل عامر "مرافق لأحد المرضى"، حاجة المستشفى إلى دعم عيادة الولادة، التي لا يوجد بها سوى أخصائي واحد، مبينا أن المستشفى يعاني من قلة الكادر التمريضي، كما أن دورات المياه تحتاج إلى ترميم متكامل.
وقال "إن حراسات المستشفى تحتاج هي الأخرى إلى دعم، لأن سياراتنا تتعرض باستمرار إلى السرقة"، كما طالب آل عامر بضرورة إحضار كوادر طبية مؤهلة تغنيهم عن الذهاب للمستشفيات الأخرى.
وشدد هادي هصام الوادعي "أحد المراجعين"، على ضرورة النظر بعين المسؤولية إلى الواقع المؤلم لمستشفى ظهران الجنوب، والذي يحتاج إلى عيادة للأسنان، ودعم وحدة غسيل الكلى، وتجهيز المختبر بأحدث الأجهزة، والكوادر البشرية، وقال "المبنى أصبح متهالكا حيث تعاني كل أقسامه من تسرب مياه الأمطار، مما قد يتسبب في حدوث حريق أو وقوع حوادث أخرى".
وقال محمد حسين آل زاهر، إن المستشفى يعاني منذ سنوات من نقص في تخصصات المخ والأعصاب، كما أنه لا يوجد به أخصائي نفسي ولا أطباء لجراحة الأطفال، وجراحة الأوعية الدموية، والأطفال حديثي الولادة "وأضاف أن المستشفى يعاني أيضا من افتقاد إلى أخصائي عناية مركزة، وأخصائي تخدير، وإلى وجود فنيات صيدلة، وهناك نقص في فنيات الأشعة، إذ أن الموجود 3 فقط" .
وأشار صالح حسن أبو خلوة "أحد أعيان المحافظة" إلى النقص الحاد في التمريض بنسبة تقارب 60%، وعدم وجود أشعة رنين مغناطيسي، وقال "إن أهالي ظهران الجنوب يتطلعون، وبشكل عاجل إلى إنشاء وحدة للأسنان بمستشفاهم اليتيم في ظل المعاناة التي يواجهونها في عملية التحويل، ففترات المواعيد طويلة، وبعد المسافة بين مدينتهم ومدن مثل أبها ونجران".
فيما شدد حسن دوبان على ضرورة تفعيل برنامج الاستشاري الزائر في ظل عدم تعاون صحة عسير مع تحويل الحالات المرضية المتأخرة، والتي ذهبت ضحية عبارة "لا يوجد سرير".
على الجانب الآخر، كشفت جولة "الوطن" بمستشفى ظهران الجنوب، عن مشاكل إدارية أخرى يعاني منها بعض العاملين بها على بند الأجور، حيث أجمعوا على تعرضهم للظلم، جراء عدم تثبيتهم أسوة بزملائهم في مختلف مستشفيات منطقة عسير.
وبين أحدهم ويدعى حسين الوادعي، أنه أمضى مع زملائه ما يزيد على خمس سنوات، وهم يطالبون بتثبيتهم على وظائفهم ولكن لم يستجب أحد لمطالبهم، وقال "إن عددا من زملائنا فضلوا الانسحاب من وظائفهم، لأنهم يتحصلون من برنامج "حافز" على معونات أفضل من بقائهم على بند الأجور هنا في المستشفى".
صحة عسير ترد
من جانبه، قال الناطق الإعلامي بالشؤون الصحية بمنطقة عسير سعيد النقير، ردا على ملاحظات ومطالب المرضى والمراجعين بقوله "بالنسبة للأطباء الأخصائيين فيوجد حاليا بالمستشفى 7 أطباء أخصائيين: منهم طبيبان، وكذلك أخصائي مختبر، وطبيبان أخصائيان للأطفال، وطبيب أخصائي أشعة".
وأضاف : "أما بالنسبة لإيجاد طبيب استشاري للمخ والأعصاب، وأخصائي نفسي، وجراحة أطفال، وجراحة أوعية دموية، فمثل هذه التخصصات لا تتوفر إلا في المستشفيات ذات المئة سرير طبقا لمعايير الوزارة"، وقال "يوجد نقص عام في تخصصات طب الطوارئ والعنايات المركزة بالمنطقة، حيث لا يتوفر بمنطقة عسير سوى 3 أخصائيين للطوارئ، وأخصائيَّين للعناية المركزة.
وفيما يتعلق بقسم الأشعة، ذكر النقير أن المستشفى يوجد به أجهزة الأشعة العادية، والأشعة التلفزيونية، وقال "هذه الأجهزة من أحدث الموديلات العالمية إلى جانب جهاز أشعة مقطعية، وطبقا لمعايير الوزارة فالمستشفيات ذات المئة سرير لا يتوفر بها جهاز أشعة الرنين المغناطيسي، وسيتم دعمهم بذلك في أقرب فرصة".
وحول النقص في الكوادر الصحية في المستشفى، قال النقير "يوجد بالقسم عدد كاف من الفنيين والفنيات للأشعة، وبالنسبة لقسم الصيدلة فيوجد به 5 صيادلة قانونيين بالإضافة إلى 9 فنيين صيدلة، وسيتم دعمهم بفنيات صيدلة في أقرب وقت ممكن، وبالنسبة للتمريض فقد تم التنسيق مع إدارة التمريض، وذكروا بأن المستشفى يوجد به حاليا 152 ممرضا وممرضة، وهو معيار المستشفى، إلا أنه يوجد 26 منهم يعملون خارج قسم التمريض، وتم الاجتماع مع إدارة المستشفى لإعادتهم لقسم التمريض مرة أُخرى، للمساهمة في أعمال التمريض بالمستشفى.
وفيما يتعلق بمركز طب الأسنان أوضح النقير، أن لدى صحة عسير خطة عشرية ممرحلة على جزئين، كل مرحلة 5 سنوات، وذلك لاستحداث مراكز أسنان تخصصية بالمنطقة: منها مركز في محافظة ظهران الجنوب، وسيكون ذلك ضمن المرحلة الثانية من هذه الخطة، ويوجد حاليا عيادتي أسنان بالمستشفى يعمل بها طبيبا أسنان، أحدهما مقيم والآخر أخصائي لخدمة المرضى بالمحافظة، ومتوسط عدد المرضى يوميا 20-25 مريضا.
وبين النقير، أنه تم اعتماد مستشفى جديد لمحافظة ظهران الجنوب بسعة 200 سرير ومشروعه حاليا في طور الترسية، وأن مدير عام صحة عسير وجه قسم المشاريع والشؤون الهندسية بسرعة إنهاء الإجراءات الخاصة بالمستشفى الجديد.
واعترف النقير ببطء المقاول المنفذ لمشروع الصيانة والترميم الحالي، وقال: تم توجيه إنذار أخير له بعد عدة إنذارات سابقة من قبل إدارة المشاريع وتعهد بإكمال تنفيذ المشروع وفق خطة زمنية مع إدارة المشاريع وبالفعل انتهى تقريبا من المرحلة الأولى للمشروع ، وإذا تباطأ مرة أخرى سيتم توقيفه وسحب المشروع منه من قبل إدارة المشاريع بالمديرية بعد مخاطبة الوزارة بذلك.