يوم 20 فبراير 2012 كان يوما تاريخيا بامتياز في حياتي. ليس لكوني رزقت فيه بطفلي الثاني فحسب، بل لأنه كان نقطة تحول في علاقتي مع زوجتي.
لقد طلبت فيه مني الطبيبة البريطانية أن أرافق زوجتي إلى غرفة الولادة. كنت شاهدا على المخاض العسير. يدي بيدها. كلما شعرت هي بألم ضغطت على يدي بقوة والتفتت نحوي. رغم اللحظات العصيبة التي كنا نمر بها إلا أنني كنت أتأملها وأبتسم. بدت جميلة أكثر. أحببنا بعضنا أكثر. مضى على زواجنا نحو 6 سنوات قبل وصول طفلي الثاني، إلا أن هذه اللحظة كانت الأجمل على الإطلاق. أجمل حتى من حفل زواجنا. عكست لي كم نحن بحاجة إلى بعضنا.
من تلجأ إليه في اللحظات الصعبة هو من تحبه فعلا؛ لأنه الوحيد الذي تستطيع أن تبكي معه وإليه.. أن تبوح له ومعه. كانت سعادتي مضاعفة في ذلك اليوم بطفلي الجديد وبعلاقتي الجديدة بزوجتي.
كلما ابتعدت عن زوجتي تذكرت عناق أصابعنا في غرفة الولادة وأبتسم. كان حوارا دافئا بين يدين. حوارا عميقا بين قلبين. بعد هذه التجربة أيقنت أهمية وجود الزوج في غرفة الولادة. آمنت بحاجة الزوجة إلى شريكها في هذه اللحظات. أدركت أثر هذه الدقائق المعدودة على مستقبل الزوجين.
رغم العقود التي يمضيها الأزواج العرب مع زوجاتهم، إلا أن بعضها يخلو من تجربة مهمة تتجسد في تواجدهم في غرف الولادة. هذه اللحظات القصيرة بوسعها أن تمنح العلاقة الزوجية بعدا جديدا وقيمة عظيمة. سيظل الزوجان يستذكرانها بامتنان. يرويانها لأطفالهما وأحفادهما حتى تثمر. يطفئان بها أي مشكلة تكاد تحرق حياتهم.
شخصيا لاحظت السعادة ترتسم على محيا زوجتي رغم ألمها. شعرت بارتياحها من يدها. لقد أثبت الباحث، ريتشارد ديفيدسون، عالم الأعصاب في جامعة ويسكونسن، أن لمسة اليد يمكن أن تقلل من مشاعر الوحدة والخوف والألم.
فإذا كانت مجرد اللمسة تحدث هذا الفارق العظيم في المشاعر، فكيف بعناق اليدين. إنه سيحدث دوي حب، وبركان سعادة، وشلال أمان.
إن ما يسفر عنه عناق الأيادي أبلغ من آلاف الكلمات ومئات المكالمات. يمدك بطاقة محسوسة وملموسة. تنبعث من الجلد وتنتقل إلى جميع أطرافك. تشعل قلبك نبضا وروحك نورا وتخمد آلامك وتنهض بآمالك.
ثمة حاسة عظيمة نهملها في مجتمعاتنا تتمثل في لمس أحبتنا ومعانقة أيديهم. نتقشف بها مع أطفالنا ونبخل فيها على زوجاتنا وأحبتنا، فنحرمنا ونحرمهم من بهجة في متناولنا.
لا تدع الآخرين يحرمونك من هذا الإحساس العظيم. أمسك يد زوجتك في المنزل وفي الشارع. دعهم يسخرون ويتهكمون ويستهزئون. هم سيذهبون وسيغادرون، وأنت وهي من سيفوز ويحوز على السعادة، التي ستظل معكما طويلا ولن يعوضها شيء.
أمسكوا وتمسكوا بأيدي أبنائكم بحنو ورقة ليشعروا بحرارة أيديكم، وتشعروا بنبض قلوبهم، ولينقلوا هذه العادة الجميلة إلى ذريتهم، وتصبح تقليدا تتوارثه الأجيال.
دعونا نعمل على تشجيع الأزواج على مرافقة زوجاتهم في غرف الولادة؛ لتنعم الأمهات بالأمان والاطمئنان، وينعم الآباء بإحساس جميل وذكرى لن تتبخر وتشيخ.
ستعطر هذه الذكرى أيامكم. ستتذكرونها بحب كلما شاهدتم أطفالكم يبتسمون ويمشون ويقفزون ويكبرون. ستكبر معكم هذه الذكرى لتتكئوا عليها في أحلك الظروف وأصعبها.