يُثقل "القسم" ضمير موظفي هيئة مكافحة الفساد "نزاهة"، فعِظم هذه الكلمات: "أقسم بالله العظيم أن أؤدي واجبات وظيفتي بأمانة وإخلاص وتجرد، وألا أبوح بأي معلومات اطلعت عليها بسبب عملي، ولو بعد انقطاع صلتي به".. يستلزم ألا تظهر أي معلومة تستند إلى مصادر في "الهيئة" وفاء بالقسم، رغم أنه لا ينافي الإخلاص للعمل. ولن يُلاموا لو خرجت منهم "كلمة"؛ لكثرة إلحاح الصحفيين عليهم ولعدم وجود "متحدث رسمي" للهيئة يكشف قضايا الفساد. ولأن الصحفي "النشط" لا يطمع ببيان رسمي يوزع على الجميع، بل يطمح للظفر بتفاصيل قضية لم تكشف، لتسبق بها صحيفته أو وسيلته الإعلامية غيرها وتتميز، فيستعين بكل ما أوتي من قوة وجهد وعلاقات للتنقيب عن المعلومات والوثائق، والهيئة جزء من عملية التنقيب!.
والأخبار التي تواترت عن قرب تعيين متحدث إعلامي للهيئة، كفيلة بإعادة الهيبة للقَسم بتشديد الهيئة على الالتزام به احتراماً للقَسم والعمل، لكن ذلك لن يتحقق إذا كان المتحدث الإعلامي لـ"نزاهة"، سيقتفي أثر "المتحدث الإعلامي لوزارة التربية والتعليم" الذي غيبه عمله عن الإعلام، فحضر كل مسؤولي وزارته بتصريحات أحياناً تتضارب بينها، وأصبح عمل المتحدث "النفي" أو تصدير بيانات مكتوبة! أو يقتفي أثر "المتحدث الإعلامي لوزارة العمل" الذي لم أرَ له صورة في الصحف سوى صورة قديمة، ولم أرَ له أي حضور في الإعلام المرئي أو المسموع، حتى أصبح المواطن يعرف مسؤول وزارة العمل أكثر من متحدثها. أو ينتهج طريقة المتحدث الإعلامي لوزارة الخدمة المدنية الذي أصبح ميدان عمله على "تويتر" أكثر من تعامله مع الصحفيين من مكتبه في الوزارة!
الإعلام يحتاج إلى "متحدث إعلامي" يتعاون مع فريقه بتوفير المعلومة في أي وقت وبكل وسائل الاتصال، ويكون حلقة وصل بين مؤسسته والإعلام، لو يقتنع المتحدث بأن توفير المعلومة الصحيحة ينفع مؤسسته أكثر من الصحفي لكان صديق الإعلاميين.
(بين قوسين) بحثت مرة عن مدير العلاقات العامة في أحد فروع وزارة "النقل" فوجدته هو سكرتير المدير العام، وطلبت منه معلومات عن عمل إدارته، فأخبرني أن المدير على سفر وسيستفسر منه إذا عاد ويرد علي، مضت 4 أشهر ولم يرد!.