يشتكي كثير من عملاء البنوك السعودية من غياب المعلومة "الواضحة" التي تحكم العلاقة بين الطرفين، الأمر الذي ساهم في نشوء كثير من المنازعات والقضايا ووصولها في بعض الأحيان لأروقة المحاكم، فيما أرجع بعض منهم ذلك إلى خلل النظام الرقابي المعمول به في مؤسسة النقد السعودية، وهي الجهة المسؤولة عن تلك العلاقة بين العميل والبنك. في الوقت الذي اعترف فيه أحد مســؤولي البنوك بالمشكلة، متهماً البنوك بتركيزها على الربح المادي دون الاهتمام بحقوق العملاء.
15 عاماً لا يعرف حقوقه
يعبّر المواطن عبدالرحمن غيثان آل مانع عن حالته مع البنوك قائلا "من خلال تعاملي مع حوالي أربعة بنوك على مدى 15 عاماً، لا أذكر بأن أحدها قام بتبيان حقوقي كعميل، أو تواصل معي بأي وسيلة لتثقيفي في النظام المالي المعمول به بالسعودية"، ويحكي بأنه في أحد الأيام لاحظ نقصاً في رصيده وبمراجعته البنك، أفاده الموظف بأن السبب عائد لكون رصيده قد قلّ عن مبلغ 1000 ريال، وعليه فقد تم الحسم من الحساب نظرا لذلك.
وطالب آل مانع مؤسسة النقد بزيادة متابعتها للبنوك، والحرص علي تتبع شكاوى العملاء والفصل فيها، منادياً بوجود ممثل لمؤسسة النقد في كل البنوك لاستقبال الشكاوى والاستفسارات.
هل البنوك أقوى؟
المواطن سلطان محمد الهرفي يذكر أن ما يشاهده ويجده في صالات البنوك عبارة عن نشرات تمويل وبروشورات للقروض الشخصية، مؤكداً على أن هدف البنوك هو الظفر بتحويل الراتب وتقديم التمويلات المالية، وحالما يتحقق ذلك لا ترى لهم أي دور. وحول ملاحظاته على البنك الذي يتعامل معه، قال الهرفي "إنه يفرض على عملائه رسوماً عند إصدار البطاقات أو طلب كشف للحساب، واستخراج شهادة مديونية". متسـائلاً هل البنوك السعودية أقوى من مؤسسة النقد؟ ويستشـهد بعروض التمويل التي تتم مـن الباطن عن طريق أشخاص أو مؤسسات وهم في الأصل مسوقون للبنوك، ووقوف مؤسسة النقد موقف المتفرج واكتفائها بـ"التحذيرات".
الحقوق تتبع مستوى الرصيد
وحول دور الرصيد البنكي فيما يتلقاه العميل من خدمة ومعلومة، يؤكد محمد خلف الخليفي أصحاب رؤوس الأموال "الضخمة" هم من يتلقون الخدمة والمعلومة من البنوك، ويتم البحث عن رضاهم، أما من يقتات من مرتبه الشهري فليس له نصيب منها. مبيناً أن بعض البنوك تفرض نسبة أرباح عالية، وعندما يقوم العميل بالتخلي عن البنك وطلب إخلاء طرف فإنها تقوم عادة بتخفـيض هذه النسبة، وهذا دليل على أن البنوك تعمل بعيداً عن العمل المهني والمؤسساتي وتغيّب "الشفافية" في تعاملاتها.
"الواسطة" ودورها الرئيس
على الجانب الآخر ذكرت المواطنة س.ع. بأنها فوجئت بانتهاء بطاقة الصراف الخاصة بها دون أن يشعرها البنك، على الرغم من اشتراكها في رسائل الـSMS الخاصة بالعملاء، مضيفة أنها راجعت القسم النسوي في البنك على مدى أسبوع كامل لتجديد البطاقة، لكنها لم تستطع بسبب الزحمة، وعندها لجأت "للواسطة" واستخرجت بطاقتها خلال 10 دقائق من القسم الرجالي.
ضعف "التواصل الإلكتروني"
يعلق ناصر الشهراني على أن أغلب البنوك لا تهتم بالتواصل الإلكتروني مع عملائها، وزيادة معرفتهم وثقافتهم الحقوقية، رغم الثورة التقنية التي نعيشها، ودلل على ذلك "بعدم وجود تطبيقات احترافية للأجهزة الذكية، إضافة لعدم الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر". مشيراً إلى أن حساب أحد البنوك على تويتر لم يتم تحديثه منذ بضعة أشهر وكل "التغريدات" الموجودة فيه عبارة عن إعلانات دعائية لقروض شخصية.
اعتراف بغياب التوعية بالحقوق
من جهته اعترف مصدر مسؤول بأحد البنوك السعودية - تحتفظ "الوطن" باسمه- بالقصور الكامل في إيضاح حقوق العملاء وكيفية حصولهم عليها، مشيراً إلى أن البنوك تركز على المنتجات فقط كفتح الحسابات والتمويل الشخصي، ناهيك عن الرسوم الإدارية والتشغيلية التي تفرضها على عملائها، دون أن يعرف العميل ماهيتها أو لماذا فُرضت؟، مشددا على أهمية نشر ثقافة الحقوق والتوعية بها لأهميتها في حل كثير من المنازعات. ويضيف المصدر "أعمل منذ 17 عاماً في المجال المصرفي، وتنقلت في كثير من الوظائف القيادية في عدد من البنوك، وطوال هذه التجربة لم أشاهد أي دور ملموس وجدي من قبل البنوك في الاهتمام بحقوق العملاء". وأضاف " يُفترض من البنوك أن تقوم بالتوعية الحقوقية، وهذا من أهم أدوارها تجاه عملائها". ويستدرك قائلاً "لكن المشكلة ليست مرتبطة بالمجال المصرفي فقط، بل تشمل كل مناحي حياتنا، فكثير منا لا يعرف حقوقه ويجهل طريقة حصوله عليها"، لافتاً إلى أن مؤسسة النقد تتحمل الجزء الأكبر من مشكلة غياب التوعية التي تضمن لعملاء البنوك معرفة حقوقهم".
مؤسسة النقد تقف مع الحق
من جانبه أكد لـ"الوطن" أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية طلعت زكي حافظ على وجود الأنظمة التشريعية التي تُراعي حقوق العملاء والبنوك في آن واحد، وقال "مؤسسة النقد تقف مع الحق أياً كان صاحبه، سواء مع الـعميل أو مع البنك"، مشيراً إلى أن نظـام مراقبة البنوك هو الذي يـحدد الأعمال والواجبات في ظل الـبيئة المصرفية، ويقنن التعاملات الـتي تربط تعـامل الـبنوك مع الـعملاء. وأضاف زكي "أن فتح الحسابات الجارية وتشغيلها، والتعاملات المصرفية الإلكترونية وغيرها من الخدمات البنكية المقدمة للعملاء، تحكمها ضوابط وقوانين مؤسسة النقد، ولا يمكن لأحد الطرفين أن يتجاوزها بأي حال من الأحوال"، مبيناً أن هناك وحدات خاصة بشكاوى العملاء في كل بنك، وفي حالة عدم حل مشكلته أو عدم اقتناعه بالحل، فإنه يتوجه للوحدة المتخصصة بمؤسسة النقد، التي تقوم بالتأكد من أن البنك يقوم بواجبه تجاه عملائه.
وختم زكي حديثه بأن المسؤولية الأولى تقع على العميل نفسه، فعليه أن يسأل عن حقوقه ويعرف واجباته قبل أن يـوقع أي اتفـاقية مع البنوك بما فيها فتح الحساب أو التمويل، كما أن عليه التأكد من بنود أي اتفاقية قبل أن يوقع عليها. لكنه في الوقت ذاته لفت إلى أن المسؤولية مشتركة بين الجميع، حيث قال: "مسؤولية الحقوق تقع على العميل والبنك ولجنة التوعية المصرفية"، داعياً جميع عملاء البنوك السعودية لزيارة موقع لجنة التوعية المصرفية على الرابط:
www.saudi-banks.info للاطلاع على المستجدات ذات العلاقة بالنشاط المصرفي على المستوى المحلي والعالمي، إضافة لزيادة الوعي لديهم.