هذا الشعب - كما قلت سابقا - "شعب طيب".. ولذلك أغلب الأخطاء التي يقع فيها الأفراد هنا تأتي عفوية أو بدوافع الضغوط الاجتماعية أو القبلية أو غيرها، فينتج أحيانا ما يتعارف عليه باستغلال النفوذ أو الإخلال بالواجبات الوظيفية.

ليست هنا المشكلة.. المشكلة أن ردود الفعل غالبا ما تأتي متعاطفة مع المخطئ أو المقصر.. فيتمادى المقصر في تقصيره والمخطئ في أخطائه.. تسوقهم العاطفة دون يقين أو حتى دون لحظة تجلٍ واحدة مع النفس لتقدير الأمور بعين العقل والمنطق.. فتطغى العاطفة على النظام وتختل موازين العدالة.. وتصبح اللوائح هشة تنهار أمام أول صوت: "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، لتتحول هذه العبارة المؤثرة إلى عقبة نفسية حقيقية أمام المعنيين بتطبيق القانون.. نعم هي عبارة تعبق بالرحمة والإنسانية لكنها عقبة حقيقية أمام سيادة القانون!

أصبحت هذه العبارة المطاطة مظلة ينام تحتها كل المقصرين والمتخاذلين والمخالفين للقانون في البلد، ومن الذي يجرؤ حينها على إيقاظهم.. "من الذي يجرؤ على قطع أرزاق الناس"!

في خبر منشور يوم أمس حول إحدى القضايا التي تتعلق باتهام استغلال النفوذ يقول أحد التعليقات: "حرام عليهم يقطعون رزق الرجال، الله يكون معاه مسكين".. دون أن يسأل هذا القارئ نفسه: متى سيتم تطبيق القانون إذن.. وعلى من سيتم تطبيقه؟!

زبدة الهرج: نحن نريدها دولة قانون، وهؤلاء يريدونها جمعية خيرية.