بعد فيلم (عمّار بوقس)، الذي يحتاج إلى مقالة قادمة، حضر المخرج السعودي الرائع حقاً، بدر الحمود، بفيلمه الجديد (كروة)، واختار أن يعرضه على اليوتيوب، في مجتمع ما يزال ينظر إلى وجود السينما بعينين غاضبتين ومبحلقتين على الآخر.

فيلم كروة، في غاية الجمال، من حيث الإخراج، ومن حيث لغته السينمائية، ومن حيث السيناريو والتصوير. وهو بأمانة، فيلم ينبئنا بقدوم مخرج سينمائي سعودي محترم جداً، ويعرف ما يعمل، وماذا يقدّم، وكيف يختلف عن سواه، وهو بدر الحمود.

الفيلم من فئة الأفلام السينمائية القصيرة، والفيلم كله لا يتجاوز 30 دقيقة، لكنه يعرض في الثلاثين دقيقة، ما تعجز أن تتناوله عشرات البرامج التلفزيونية، ومئات المقالات الصحفية، والمحاضرات المتخصصة.

يخوض الفيلم، في كثير من قضايا المجتمع السعودي، الضاربة في العمق، وأهمها وأبرزها وأكثرها مساحة زمنية في الفيلم، ألا وهي القضية المؤرقة لكل المجتمع، قضية البطالة.

أجمل ما في فيلم كروة، أنه يعرض قضية البطالة في قالب من الكوميديا السوداء، مبتعداً كثيراً، عن السينما التلقينية المباشرة والجامدة. نقطة أخرى هامة في هذا الفيلم، أن أبطاله غير معروفين في الساحة التمثيلية، فهم وجوه لم يحرقها الظهور المتكرر، ولم يملّها الجمهور، بل وجوه شابة صغيرة، تطرح هموم زمنها بكل وضوح، وبكل أداء تمثيلي مقنع.

بعد فيلمي، (بوقس) و(كروة) ـ حتى وإن كانا فيلمين قصيرين ـ نستطيع أن نقول أننا أمام سينما سعودية محترمة، لها حرارة ووجع وصدق الهم اليومي، مثلما أننا أمام مخرج سعودي شاب، يستحق أن نقف أمام أعماله الرائعة، بعينين مفتوحتين على الآخر.