ناقش مجلس الشورى بتاريخ 16/4/2012 م نظام إيجازة مشاركة رأس المال الأجنبي بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ومن خلال هذا المقال حاولت أن أستعرض تجربة تايلاند بجذب الاستثمارات الكبيرة، وكيف حققت خططها وأصبحت مركزا مهما بشرق آسيا، بل بالعالم بإنتاج سيارات الحوض (بيك أب ) ذات حمولة طن واحد، بعد أن قامت حكومة تايلاند عام 2006 م بعرض الفرص الاستثمارية المتوفرة بمجال تصنيع السيارات الاقتصادية على عدد من الشركات العالمية المهتمة بذلك.
ومن ضمن العرض المقدم هو حصول هذه الشركات على إعفاءات ضريبية. والفرصة المعروضة على هذه الشركات هي تصميم وإنتاج مركبات مدمجة وموفرة للوقود تتناسب مع احتياجات تايلاند. ومن ضمن العرض أن تتمتع هذه الشركات بمزايا ضريبية إضافية بحالة إنتاج مركبات ذات أقل انبعاثات كربونية. واشترطت الحكومة التايلاندية التقيد بوسائل ومعايير السلامة حتى حجم المحرك وضع له شروط. وطلب من هذه الشركات تحقيق إنتاج يبلغ 100ألف سيارة سنويا عند السنة الخامسة من بداية الاتفاق. وقد قامت شركة سوزوكي بصرف 328 مليون دولار بالمنطقة المخصصة لتصنيع هذه السيارات، وذلك لتحقيق اشتراطات تايلاند وإنتاج نموذج جديد من السيارات ذات السعة 1250 سي سي المدمج.
وقد قامت شركات بتقديم نماذج جديدة، ومنها شركة ميتسوبيشي موترز. ففي 20/ 3/ 2012م قدمت سيارتها (الميراج) المدمجة والتي تسير بمسافة 22كلم وباستهلاك لتر واحد من الوقود، ومن ثم قدمت سوزوكي موتور سيارتها (سويفت) المدمجة وذات خمسة أبواب، العائلية، وهي تسير مسافة 20 كلم باستهلاك لتر واحد. وفي العام الماضي حققت سيارة (مارش) الصديقة للبيئة من إنتاج نيسان موتور في تايلاند نجاحا باهرا، حيث أنتجت مئة ألف سيارة وصدرت منها ستين بالمئة.
وقد وجدت الحكومة التايلاندية أن البرنامج ناجح بكل المقاييس، لذا أعدت برنامجا آخر يسمح بجذب استثمارات إضافية، وقامت بدعوة عدد من المستثمرين الأجانب بصناعة تجميع السيارات "محلي"، وأيضاً إنتاج قطع الغيار. وحققت هذه الفرص عددا من الأهداف كانت تسعي لها ومنها:
1) جذب رأس مال أجنبي ضخم.
2) جذب تقنية جديدة.
3) تطوير الموارد البشرية وتوظيفها.
4) تلبية احتياجاتهم من السيارات الاقتصادية.
5) عائد مادي ضخم للحكومة من خلال تصدير عدد كبير من هذه المركبات والاستفادة من الضرائب المفروضة على هذه المركبات.
وعلى العكس نجد خطتنا التي جذبت المستثمر لفتح مخبز أو منجرة أو ورشة حدادة أو ألمنيوم أو مؤسسة مقاولات، وهذه جميعها استثمارات صغيرة ومتوسطة ويمكن أن يقوم بها المواطن ولا تحتاج لرأس مال كبير. وهذا لا يعني أنني ضد دخول المستثمر بالاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، خاصة إذا أعددنا القوانين التي تلزم المستثمر بعدد من الاشتراطات ومنها: 1) إلزامه بسعودة الوظائف.
2) جذب التقنية.
3) تطوير الموارد البشرية المحلية...إلخ
لا أعلم أي خطة للاستثمار نحن نتبع. لقد أصبح بلدنا يعج بالآلاف من المقيمين تحت مسمى استثمار أجنبي، والذين لا توجد لديهم أعمال وتجدهم يصولون ويجولون بالأحياء بحثاً عن عمل وقد دخلوا من خلال الاستثمار الأجنبي، وكل ذلك كما نعلم يزيد من معدلات الجريمة والبطالة.
ماذا لو قمنا بجذب مثل هذه الشركات العالمية الكبرى مثل ما قامت به الحكومة التايلاندية أو دخلنا بشراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي مما يسهم بالآتي:
1) استثمار فوائض الميزانيات داخلياً.
2) تطوير اليد العاملة المحلية.
3) تحسين الناتج المحلي غير النفطي.
4) تطوير ما لدينا من تقنية.
5) تلبية احتياجات السوق المحلي، خاصة أننا أصبحنا من كبار مستوردي السيارات، حيث نجد أن مدينة الرياض قد وصل معدل السيارات فيها إلى أكثر من مليون ونصف المليون.
6) وصول المنتج المحلي للمستهلك بأسعار أقل وذات جودة عالية في حالة تطبيق معايير عالية للجودة، خاصة أن بلدنا أصبح يعج بقطاع الغيار المقلدة.
7) فرض متطلبات وشروط معينة على هذه الشركات، للمركبات المطلوبة سواء من ناحية الحجم أو استهلاك الوقود أو التلوث البيئي.
في الختام أنعم الله علينا بالنفط، لماذا لا نستغل هذه الثروة الثمينة بشكل فعال لمصلحة الأجيال القادمة؟