إن كنت فهمت من مصطلح: (مروجو أمراض) ـ الذي دخل القاموس الطبي أمس من بوابة "بعد النسيان" ـ أن المقصود هم الأطباء السعوديون؛ فإن الطابع بأمر الله يستغفر الرحمن بين يديك، وقد يحج هذا العام كفارةً لهذا الفهم الخاطئ!

إنما نقصد الأطباء/ مروجي الأمراض ـ هنااااك بعييييد ـ الذين يستقبل الواحد منهم مرضاه لساعتين ثم يعكف في المختبر بقية يومه، يجري التجربة تلو الأخرى، ويقدم البحث إثر البحث عملياً وليس إجهاضاً لأرحام الكتب! أما "مشخصاتية عرقة" فأفلحهم من يبتعث هنااااك بعيييد؛ ليتدرب على تشغيل بعض الأجهزة التي جلبناها من "المتاحف" هنااااك بعيييد! أجهزة صمموها لقياس سكرهم وضغطهم وكوليسترولهم، ولو صممنا نحن أجهزتنا وأبحاثنا الخاصة بنا لربما فجعنا بأرقامٍ فلكية لعللنا؛ فالكوليسترول ـ مثلاً ـ هو غذاء المخ، والمخ هو العضو الوحيد الذي لا يستخدم عندنا إلا "مسياراً" أو "مسفاراً" و"تيك أواي"!!

الذين قلنا لأبي حسام: لا تصدقهم، هم أهل المصداقية الذين نلجأ إليهم لإجراء الفحوص لأبنائنا المبتعثين، ولاكتشاف فيروس وبائي "مربِّع" عندنا منذ بدأنا نتناقش في بعوضة مجلس الشورى!! وهم الذين نشد الرحال إليهم حين نضطر لجزارةٍ محترفة يقوم بها قصّابون "عيال كار"؛ لا ينسون جوالاتهم مفتوحة "الواتس أب" في بطن مريض "مكرِّش" بل في رحم أم تضع؛ لكي ينزل بيد الولد بدل أن يضطروا لفتح "الكرشة" من جديد!

أولئك "المروجون" المخلصون قلنا ذات مرارة: إن مشكلتهم في الفكر الذي يحركهم ويحرك منظمة الصحة (ترويج المرض) العالمية؛ حيث تعرِّف الصحة الطبيعية بأنها: "التعايش مع المرض"، وليس عدم المرض أو الشفاء منه! وبناءً عليه تصبح رسالة الطبيب ـ شعورياً ولا شعورياً ونص نص ـ هي تخفيف الألم لا القضاء على مصدره تماماً! وكأي "مروج" فإنهم يغيرون الصنف.. عفواً: الدواء كلما أدمنه المتعا.. يووه: المريض؛ بحيث لم يعد يسكن الألم! وما زالوا يكابرون وتأخذهم العزة بالإثم كلما ذكرناهم بنظرية الاستشاري العظيم الزميل/ "الحسن بن هانئ"، واسمه الحركي "أبو نواس" التي تقول:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء* وداوني بالتي كانت هي الداءُ!

رغم أنهم الآن يعالجون مشكلة الأرق ـ مثلاً ـ بالمنبهات لا بالمهدئات، وهو ما يفسر أن عاشق القهوة ـ لا المدمن ـ لا ينام إلا إذا مخمخ على كوب معتق!

ولكيلا تذهبوا إلى "هولندا" لفحص هذه النظرية الثابتة عملياً وعلمياً وفطرياً، فإن القصد هو ضرب الفكر الطبي وليس الإجراءات "الترويجية"، بسؤال بريء: من قال إن المرض مرض؟ يعني: من قال إن العلة علة؟ يوووه.. يعني: لماذا نربط مركَّباً كالكوليسترول بنقص الصحة والجسم كله مجرد تفاعلات "حيوكيمائية"؟ ولماذا نمارس الإرهاب مع مريض السكر كلما اشتهى "زنود الست" مثلاً؟ و... لماذا لا تأخذ لك فنجان "إكسبرسو" ؟!