• الأسبوع الماضي، يوم الأحد 23 سبتمبر، كان يوم العيد الوطني، للمملكة العربية السعودية، وبلا ريب فقد كان من المهم والجميل أن يحتفل الناس بأرضهم وكيانهم، وبينما ذلك الأخضر الحميم يجلّل الشوارع والسيارات والملابس والوجوه والأشياء، يخطر السؤال ببال الوطن نفسه عن ماهيته، كأنه يستفهمنا؛ "ليقل لي كل شيءٍ بداخلي؛ من أنا؟ أنتم أيها الناس، وأنت أيتها التضاريس؛ من أنا في فهمكم؟"، فتتقافز تفاصيل صغيرة، تراجع التعاريف الأولى، غير آبهةٍ بكتاب الصفّ، ولا بتلاوين الكلمات والخطب. تفاصيل دقيقة تصرّ على النداء والحلم، بعضها يُرى، وبعضها يُحسّ، وكلها تتحفّز كي تنطق، تفاصيل من التربة والمزاريب، من الشجرة والساحل، من الكثيب والجبل، من الضواحي، من المدن والبنايات.. الخ، من أعين البنات والشباب المتناثرين على رصيفٍ هنا، أو في سوقٍ هناك، أولئك الذين يهتفون مرة، ويصرخون مرات، تفاصيل تتحفز كي تنطق من تحديق العجائز، ولثغات الصغار، وهم يغنون نشيداً أو يرددون عبارة..
• يسأل الوطن؛ "من أنا في فهمكم؟".. السعفة وورقة التينة، وسائر الأشجار، قلن بصوتٍ واحد؛ "أنت: نحن". قالت الرملة وحصاة الوادي ولبنة البيت وقطرة الماء، وسائر الأمكنة والجهات؛ "وأنت أيضاً: نحن"، وأيضاً قالت البادية والقرية، الشطآن والمدينة، الخيمة وبيت الطين،الشقة والفيلّا، العمارة والبرج؛ "ونحن أنت".. وعشش القشّ المسكينة قالت بكبرياءٍ وألم؛ "أنا أنت".. مثلها قالت؛ "أنا أنت"، والشتاء القارس وصنادق الزنك والأفنية الجرداء، مثلها، لم يمنعها الوجع وقالت؛ "نحن؛ أنت"، المدارس المستأجرة المتهالكة، المستشفيات التي تتقطع جدرانها خجلاً من أنين المرضى، الملفّات الخضراء التي تتوسل اللقمة، تحاملن على تعبها، وقلن جميعاً؛ "نحن؛ أنت"..
http://youtu.be/3MVRPQSvm9w
• يسائل الوطن كل شيءٍ عن نفسه، والمتعبون والكبار في دواخلهم يحدقون بصدقٍ وقلق في الحقوق، في لقمة العيش، في الأعباء والمسكن والمخاوف، أما الأطفال فقد كانوا يركبون قطع الحلم، ويبنون من براءة مرحهم وضحكاتهم أفقاً.. ينتهي الكون، ولا ينتهي!