قال القاص والناقد خليل بن إبراهيم الفزيع إن بعض كتاب صحافة الأفراد كانوا أكثر جرأة وشجاعة في طرح آرائهم وأفكارهم الساخنة بمقياس تلك الفترة الزمنية.

وذهب الفزيع إلى أن الكتّاب الحاليين - بالرغم من رفع سقف الحرية - مازالوا يترددون في طرح المواضيع الساخنة، وأضاف: أن ما ساعد في طرح تلك الآراء الجريئة في تلك الحقبة الزمنية هو أن الدولة مازالت في بداية نهضتها التنموية وكانت بحاجة إلى العديد من المقترحات.

وقال: "إن الوضع الاجتماعي لأصحاب الرأي حتّم عليهم التطرق لآرائهم الجريئة في النهضة التنموية الحديثة وهو ما جعل هذه النهضة التنموية تستمر حتى وقتنا الحالي".

وأشار الفزيع، خلال معرض محاضرته "تطور الصحافة السعودية" مساء أول من أمس في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، وأدارها عادل الذكرالله، إلى أن علاقته بالأندية الأدبية ليس لها صلة بعمله في المجال الصحفي، وأن الطريق الذي أدخله إلى النادي الأدبي في المنطقة الشرقية نتاجه الأدبي من نقد وقصص وطرح ثقافي متنوع.

وقلل الفزيع من مخاطر الصحافة الإلكترونية على الصحافة الورقية في المستقبل المنظور، وأن هناك حرصا كبيرا من المؤسسات الصحفية على استمرار الطبعة الورقية لاعتبارات عدة من بينها تفضيل أصحاب الإعلانات التجارية للطبعات الورقية، مؤكداً أن الصحافة الإلكترونية لا تستطيع القضاء على الصحف الورقية.

وأشار الفزيع إلى أن ما يسجل للصحافة السعودية هو عدم خروجها على الآداب العامة وقواعد الشريعة الإسلامية والمساهمة في حركة التنمية والإصلاح الاجتماعي والتنوير الثقافي والاعتماد على الكفاءات الوطنية في كوادرها الفنية والتحريرية والإدارية، وتحديث آليات العمل والاستفادة من تقنيات الطباعة الحديثة، وإنجازات ثورة المعلومات والاتصالات والاهتمام بتدريب العاملين.

وقال: إن من أبرز ملامح تطور الصحافة السعودية اختفاء تلك المطولات من المقالات الأدبية والاجتماعية في الصفحات الأولى واستبدالها بالخبر والصورة والتعليق السياسي والتحليل الإخباري، مما ساهم في تحول الصحافة من الآراء والأفكار والمقالات المطولة إلى الأخبار والمتابعات والتغطيات الصحفية، حيث اقتصرت تلك الآراء والأفكار على بعض الزوايا الصغيرة دون أن تحتل صفحات كبيرة، وانطلقت من المعالجات المحلية والإقليمية إلى طرح ومناقشة القضايا العالمية والإنسانية العامة دون أن تتخلى عن رسالتها تجاه مجتمعها.

وكان الفزيع، استهل محاضرته بالإشارة إلى أن الصحافة السعودية، ساهمت في إبراز جوانب التنمية، ودورها الفاعل في حركة الإصلاح والتنوير، وتقويم أساليب الأداء في القطاعين الأهلي والحكومي، رائدها في ذلك المشاركة في إنقاذ المجتمع من أمراضه المستوطنة أو الوافدة، فكانت على الدوام مرآة المجتمع بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات وما له وعليه من حقوق وواجبات، مؤكداً أن الصحافة السعودية ظلت في رسالتها حريصة على انتمائها الوطني والقومي والديني، وأشار إلى أنها في العقود الأخيرة قد حققت نقلة نوعية ملحوظة مكنتها من المنافسة مع أقدم الصحف العربية وأكثرها انتشاراً نتيجة الأنظمة والتشريعات التي صدرت لتطوير الخدمة الإعلامية في بلادنا.

وقسم الفزيع مراحل تطور الصحافة السعودية إلى ثلاث مراحل، هي: البدايات وصحافة الأفراد وصحافة المؤسسات، إذ كانت مرحلة البدايات بصحيفة أم القرى في 15 جمادى الأولى 1343، لافتاً إلى أن صحافة الأفراد تضطر للتوقف نتيجة أي ملابسات يتعرض لها رئيس تحرير الصحيفة وهو في الغالب صاحب امتيازها، وقال: إن صحافة المؤسسات قد خرجت من هذا المأزق لأن تغيير رئيس التحرير لا يؤدي بالضرورة إلى توقفها، خاصة أن كل المؤسسات الصحفية لديها من أعضائها من هو مؤهل لهذه المهمة. وأضاف: أن صحافة الأفراد بدأت في عام 1350 بصحيفة صوت الحجاز في مكة المكرمة.

وفي ختام المحاضرة، تم تكريم مدير منتدى الأحساء الثقافي في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء سابقاً الأديب صالح الحربي، وفاء لجهوده في خدمة الجمعية خلال فترة عمله بها كمشرف ثقافي لأكثر من 20 عاماً.