منذ بضعة أسابيع قرأت في بعض الصحف تلك الأخبار البسيطة التي تأتي من هنا وهناك حول عضوات الشورى المنتظرات، واختيارهن وعددهن الذي قد يقارب الثلاثين، ولكن بعيدا عن هذه الأخبار؛ فإن هؤلاء اللاتي كنتُ وزميلات نكتب ونطالب بوجودهن في مجلس الشورى إلى أن أسعدنا خادم الحرمين الشريفين بقراره الحكيم؛ أرجو أن يكون اختيارهن بعيدا عن العلاقات العامة والمجاملات الشخصية أو التوجهات الفكرية المعينة، ونأمل ألا يكنّ من نوعية "لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم" ممن ـ مع احترامي ـ تغلب عليهن السلبية في الإنجاز والفعل، فمن سيتم اختيارهن بذرة التأسيس لغد متعاف إن أردنا حقا أن يكون كذلك؛ إنهن من سيمثلن الأمل ليصل صوت السعوديات ومستقبلهن وقضاياهن العالقة بصدق وصراحة وشفافية وغيرة وطنية، دون أن تعكرها حسابات شخصية فنحن لا نريد عضوات يشبهن "باقة ورد حمراء" تزين المجلس لنخدع أنفسنا ونقول "السعوديات وصلن أخيرا".
فما يزال المشوار طويلا ليوصلن صوت أخريات يقفن خلفهن تحت تلك القبة، صوت الفقيرة والأرملة واليتيمة والمطلقة وربة البيت والمعنفة أسريا والعاطلة عن العمل والطامحة والعاملة والمبدعة والأديبة وغيرهن! حتى تصل بعد ذلك إلى أيدي ولي الأمر في رؤية مستقبلية تسعى إلى بناء مجتمع متعافٍ يمشي بقدمين لا بقدم واحدة كحالنا اليوم في عالم بات يركض ركضا!
ومن حقي هنا كمواطنة سعودية أن أتحمل مخاوف شريحة تمثلني من أن يكون اختيار الأخوات القادمات تحت تلك القبة ممن يحملن على الورق الكثير من المناصب والعضويات في سير ذاتية غير مدققة وغير صحيحة، وهو ما نراه اليوم كثيرا في زمن شراء الشهادات "العنكبوتية"! ومن حقي أن أخشى أن يكون من القادمات ممن انتهى استهلاكهن الفكري عمريا ووصلن إلى سن اليأس في الإنجاز، ووقفن عند بوابة التاريخ حارسات بعد أن خفّ حماسهن للمستقبل مع تقدم العمر، دون تفكير فيما تحتاجه الشابات غدا! من حقي أن أخشى بأن نقرأ أسماء قرأناها كثيرا ولم نر لها فعلا فيما تولته من مناصب متعددة وكأن البلد لم يلد غيرهن!
أخيرا؛ أتمنى أن تمثل القادمات كل التوجهات الفكرية والمراحل العمرية والخبرات، وأن أرى من الأسماء من تنتمي لذوي الاحتياجات الخاصة من المبدعات وأن تغلب الأسماء الشابة الأسماء المستهلكة، لأن المستقبل هو ما نفكر فيه اليوم، وكل ما أتمناه أن لا نرى من عضوات المجلس من تفضل "النوم" على "الكلام" أو أن لا تكون من سكان كوكب "المشتري" فلا تعرف من قضايا المجتمع إلا ما يخص كوكبها، فنحن بأمس الحاجة إلى من تمشي على "الأرض" وتتلمس صوت المرأة السعودية وتساهم بجعلها مواطنة كاملة الأهلية.