كنت في سيارتي مع هذا الاسم الدعوي، واسع الاسم والانتشار، عندما وقفنا أمام الإشارة وفوقنا لوحة دعائية كبرى عن ملتقى الأسرة السعيدة. وضحكنا حد طلوع النواجذ عندما قلت له إن فريقكم يحتكر كل شيء حتى أسماء المحاضرين في موضوع أسري اجتماعي يفترض أن يكون فيه علماء النفس والاجتماع والاقتصاد لأن الوعظ وحده لا يكفي لبناء أسرة سعيدة. كنا نضحك معا وهو يجادلني أن لفريقه خلطة سرية وساحرة لسعادة الزوجة لو عرفها (فريقي) لاشتراها بالدنانير والقناطير المقنطرة، فكان جوابي الهزلي بما يستحق الموقف أن الشعور بالأمان هو ركيزة بناء الأسرة السعيدة. قلت له (يا شيخنا): إن زوجتي تنام مطمئنة قريرة العين لأنها تعرف أول وآخر الخيارات، وإن كل قصص الاختلاف التي تحدث عادة في كل حياة زوجية لن تؤدي إلى القرار المستحيل بأن تكون مجرد شريكة بالنصف أو حتى نصفه. هي تعلم أن تركيبتي الاجتماعية والثقافية، مثل حياتي ومواقفي لا تقبل القسمة ولو على مجرد كسر عشري.

نساء فريقكم يا صاحبي مثل الطائر الجميل ولكن على حبل مشدود يعيش في خوف من أن تتحول الإشاعة الصباحية إلى حقيقة في المساء، وأنتم (يا شيخنا) خير مثال على أربعة مساءات مختلفة ومدونة. والآن سنترك اللغة الساخرة: الأسرة السعيدة هي من تجعل مخافة الله وتقواه نصب الأعين وهدف الحياة. الأسرة السعيدة هي تلك التي يشعر فيها الزوجان أنهما مجرد مجلس إدارة تنفيذي يدير حياة هؤلاء الأطفال ويؤمن مستقبلهم ويستشعر الأمانة التي تضعهم على الطريق الصحيح، سلوكا ونظافة وبعدا عن الحاجة للغير. الزوجان السعيدان هما من يقتلان الأنانية وحب الذات ويزرعان البساطة والتلقائية وحب الخير في نفوس الأطفال للالتفات إلى إنقاذ من هو (دونهما) لأن أجمل رسالة في هذه الحياة أن يكون في حياتك ولو مجرد أسرة أخرى رديفة من الفقراء واليتامى والمسحوقين ليكونوا بيتك الثاني وشراكة حياتك. الأسرة السعيدة هي من تعيش لهدف إضافي فوق أهداف قصصها اليومية علّ هذا الهدف ينسيها مشاكلها الصغيرة.