في سوق عكاظ أو عنقاء الجزيرة العربية، ما يزال النقاش محتشدا حول المعلقات، والتي تمثل نصا مفتوحا قابلا للجدل والمنازعات، والاجتهادات والانشغال اللغوي، والشروح والدراسات المقارنة وما يصاحبها من تأويل للوقائع والأفكار في السرديات التراثية المبثوثة في المصنفات والمرجعيات ومكونات الذاكرة التاريخية، وقد ترسخ في الوعي الجمعي والتراكم المعرفي أن المعلقات "عشر" إشارة إلى ما أورده أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر المتوفى سنة 280، أن معاوية أمر الرواة أن ينتخبوا قصائد يرويها ابنه فاختاروا له: قفا نبك – لخولة أطلال – أمن أم أوفى دمنة – آذنتنا ببينها أسماء – عفت الديار محلها فمقامها – ألا هبي بصحنك فاصبحينا – إن بدلت من أهلها وحوشا – بسطت رابعة الحبل لنا - يا دار مية بالعلياء – يادار عبلة بالجواء. ولكن روح النقد البحثي والفكر المدقق والحجج العقلية الصارمة التي أوردها الدكتور "سليمان الشطي" في دراسته الضخمة حول "المعلقات وعيون العصر" تؤكد عبر بحثه ومساراته ومواضعاته الذهنية أن المعلقات سبع، مستشهدا بما قاله ابن قتيبة في كتاب "الشعر والشعراء" عند حديثه عن عمرو بن كلثوم ومعلقته المشهورة يقول: "قام بها خطيبا فيما كان بينه وبين عمرو بن هند وهي من جيد شعر العرب القديم وإحدى السبع" وسماها بن كيسان "السبع الطوال" وأطلق عليها ابن النحاس "السبع المشهورات" وذكرها ابن الأنباري في شرحه "شرح القصائد السبع الطوال" وأكد ذلك عبدالله النحوي وأبو علي القالي وابن عبدربه الأندلسي وحماد الراوية وياقوت الحموي وابن كثير وابن خلدون والبغدادي، كما أورد ابن النديم اسم كتاب للعمري قاضي تكريت قائلا: "وله من الكتب تفسير السبع الجاهليات بغريبها" ويشير الباقلاني إلى قصيدة امرئ القيس "ولما اختاروا قصيدته في السبعيات" وينص الزوزني في مقدمة كتابه "هذا شرح القصائد السبع" ويوضح التبريزي في مقدمته قائلا: "سألتني ـ أدام الله توفيقك ـ أن ألخص لك شرح القصائد السبع" ويقول الدكتور الشطي: "إن هذا الاستعراض التاريخي يؤكد لنا ثبات اسم القصائد السبع من دون شك، فليس هناك في الحقيقة أي اختلاف جدي بشأن تحديد عدد هذه القصائد، وحين نعود إلى الشراح الذين ذكرناهم نجد أن الاتفاق تام على القصائد السبع وهي قصائد: "امرئ القيس وزهير وطرفة وعنترة ولبيد والحارث وعمرو" وقد علق بهذه القصائد عدد من المسميات مثل: المعلقات – المذهبات – السموط – الملحمات – المشهورات، أما قضية تعليقها على الكعبة فقد انشغل بها الباحثون من عرب ومستشرقين، وضاع اليقين بين الصدق والكذب والمبالغة والسند التاريخي الموثق.