يوم الثلاثاء/ ليلة الأربعاء الماضي ـ منعاً للاختلاط العابر ـ الموافق 4/5/2010، تزينت "الطائف" برعاية محافظها الأستاذ/ "فهد بن معمر"، كما كانت تفعل لـ"طارق عبدالحكيم"، و"عبدالله محمد"، و"فوزي محسون"، و"طلال مداح"! أما عريس تلك الليلة المشهودة فليس ككل العرسان! كلهم خطب ودها، يوم كان المطر يمسِّد شعرها شلالاتٍ من الورد الأحمر، ووحده "فهد ردة الحارثي" جاء لـمَّـا "قصَّت ضفايرها ودريت/ البارحة جاني خبر"! وظل يطوف حول شباكها العالي، يغرِّد مرة، ويموء مرة، وينبح مرة، ويعوي مرة، على أمل أن تستجيب حبيبته بغمزة وعدٍ خاطفة، أو ضحكة غنج تغزل روحه من جديد، أو نفحة من عطرها تغنِّيه بصوت "يحيى لبَّان": "يانسمة الطايف/ يا أحلى نسمة في الوجود"! جاء "فرح" ـ كما يسميه الناشر بين يديكنَّكم؛ نحتاً من الحروف الأولى من اسمه الثلاثي ـ من "مكة المكرمة"، يحمل قلب "عمر بن أبي ربيعة"، ودماغ "أحمد السباعي" الذي ورثه عن صناديد "قريش"، وقد أحكمت "الطائف" ـ ككل مدن المملكة ـ إغلاق رواشين "الفن" في وجه أي حداثيٍّ، وصمته آيديولوجيا "الصحوة" بالفسوق والمروق والعقوق، لمجتمعه، ووطنه، بل ولدينه الحنيف! جاء سنة 1990م ـ ياللتوقيت ـ ليؤسس "ورشة المسرح" مع رفقاء العشق، والجنون، وحميمية حارة "بقِّي لي": المخرج الفذ/ "أحمد الأحمري"، والقاصِّ الجميل/ "عبدالعزيز عسيري"، والفنان/ "محمد بكَّر"، والممثل المدهش، القادم من "طيبة الطيبة"/ "مساعد الزهراني"! في ذلك التوقيت، كان مشروع الحداثة يصارع دويَّاً هائلاً؛ ليهمس تنظيراً بصوت الرمزين العظيمين الدكتور/ "عبدالله الغذامي"، والدكتور/ "سعيد السريحي"، وشعراً بأصوات: "محمد الثبيتي"، و"محمد جبر الحربي"، و"عبدالله الصيخان"، وقصةً قصيرة: بأصوات "عبدالله باخشوين"، و"حسين علي حسين"، و"محمد حسن علوان"، و"عبدالعزيز الصقعبي"، وروايةً بصوت "رجاء عالم" فقط! ولم يكن للمسرح صوت يذكر في الداخل؛ منذ صمت "أحمد السباعي" مطلع الستينات الميلادية، و"عبدالعزيز الربيع" مطلع الثمانينات الميلادية! واقتصرت "جمعية الثقافة والفنون" على تمثيل المملكة خارجياً، بعروض تسلق على عجل، وتقدم ليلةً أو ليلتين على استحياء شديد! واليوم، وبعد عشرين عاماً من البذل والعطاء والتضحيات، وبعد عشرات الجوائز التي حصدها "فرح" ورفاقه باسم الوطن "خارجياً"، تأتي ليلة 4/5/2010 أروع تكريم "محلي" لشخصية ثقافية على قيد الحياة، توجت بإطلاق اسم "فهد ردة الحارثي" على قاعة جمعية الثقافة والفنون بالطائف، على أمل أن يتم التكريم الأكبر ببناء مسارح حقيقية، تحمل أسماء بقية الرموز، في كل مدينة سعودية!