توقع محللون أميركيون أن تكون الشهور المقبلة حتى موعد انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر شهورا هامة في الشرق الأوسط بالنظر إلى بدء المفاوضات مع إيران والوضع السياسي الهش في سورية والانتخابات العامة في إسرائيل فضلا عن الاستحقاق الرئاسي في مصر.
وفيما تتقاطع تلك الخطوط في أكثر من موضع فإن الخطين الأكثر إلحاحا هما المفاوضات مع إيران واستمرار احتمال قيام إسرائيل بعمل عسكري منفرد للتأثير على مجرى انتخابات الرئاسة الأميركية، ذلك أن الملف السوري سيستغرق بعض الوقت في تقدير أغلب المحللين الأميركيين حتى تتآكل أعمدة النظام الاقتصادية بقدر كاف على نحو لا يستبعد احتمال انهياره بصورة مفاجئة.
وحول مسار المفاوضات مع إيران قال نائب مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ماك لمجلة "ديبلومات" الأميركية المتخصصة إنه يتوقع أن تمضي المفاوضات بين إيران والمجموعة الدولية بإيقاع بطيء. وقال ماك "لا الطرف الأميركي ولا الطرف الإيراني يرغبان في التوصل إلى اتفاق بصورة سريعة. إنني لا أعتقد أن أي اتفاق سيكون أمرا طيبا لأوضاعهما الداخلية".
ويتأسس هذا المنطق على أن أي اتفاق يتطلب تنازلات من الجانبين عما سبق لهما إعلانه قبل بدء المفاوضات، ولاسيما أن تلك المواقف السابقة للمفاوضات تعمدت أن تكون متشددة بهدف تليين موقف الطرف الآخر، إلا أن هناك من يختلف مع هذا المنطق. فقد قال الباحث الأميركي الإيراني الأصل راي تكيا، في ندوة عقدت في واشنطن الأسبوع الماضي إن الجانبين مهدا الرأي العام لديهما لقبول الخطوط العامة للاتفاق. وقال تكيا " أعلن جاري سامور مستشار الرئيس لشؤون التحكم في التسلح أن الولايات المتحدة تعترف بحق إيران في بناء برنامج نووي مدني لتوليد الطاقة. وقالت مصادر غير معروفة داخل الإدارة لصحيفة "نيويورك تايمز" إن إيران ستسلم ما لديها من اليورانيوم المخصب حتى 20% إلى بلد آخر لإعداده كوقود نووي يعاد تصديره إليها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأعتقد أن الرأي العام على الأقل في الولايات المتحدة بات متقبلا لتلك الخطوط العامة في أي إتفاق". غير أن الإدارة قد لا ترغب في جلب انتقادات حادة من الجمهوريين في سياق الحملة الانتخابية إذا ما بدا الاتفاق غير متشدد بقدر كاف.
وفي الوقت ذاته فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أنه يرغب في إجراء انتخابات عامة في سبتمبر المقبل، أي أنه ترك لنفسه شهر أكتوبر لتقديم ما اصطلح الأميركيون على تسميته "مفاجأة أكتوبر"، أي القيام بعمل مباغت مثل توجيه ضربة لإيران لقلب الحسابات في المعركة الرئاسية الأميركية رأسا على عقب. وإذا كانت الرغبة في تجنب الحملة الجمهورية تدعو إلى الإبطاء في التفاوض فإن القلق من "مفاجأة أكتوبر" يدعو إلى التعجيل بإعلان اتفاق ولو من الوجهة المبدئية. وليس من الواضح حتى الآن أي السبيلين ستفضل إدارة الرئيس باراك أوباما، ولاسيما أن هناك عناصر أخرى لا يمكن حسابها مقدما من قبيل إصرار مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين سيزورون إيران الأسبوع المقبل على تفتيش موقع بارشان العسكري الإيراني بسبب وجود معلومات عن أن إيران حاولت صنع قنبلة نووية هناك. ومن شأن كشف المفتشين عن أي أثر يؤكد تلك المعلومات أن يسبب تعقيدات كبيرة في المفاوضات التي ستتم في بغداد، إذ إنه سيؤدي إلى تشدد ملموس في مواقف مجموعة 5+1 الدولية.
وفي أولى محطات زيارتها للهند أمس، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنها تخشى من إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران وإسرائيل. وأضافت: "نود أن ينضم الإيرانيون إلى الإجماع الدولي على الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ولكن مع التخلي دون رجعة عن حقهم في تصنيع أسلحة".