شيع آلاف الأشخاص في حيي كفرسوسة والتضامن الدمشقيين قتلى تظاهرات جمعة "إخلاصنا خلاصنا"، حيث أظهرت مقاطع بثت مباشرة على شبكة الإنترنت، تظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف الأشخاص. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن قوات الأمن "أطلقت القنابل المسيلة للدموع وأغلقت ساحة كفرسوسة بالحاويات والإطارات المشتعلة". وبحسب تنسيقيات دمشق، فإن قوات الأمن أطلقت النار لتفريق المتظاهرين مما أسفر عن إصابة عدد منهم، واعتقلت عشرات آخرين. ولدى وصول جثامين القتلى، علت زغاريد الشابات المشاركات في التظاهرة، وعلت هتافات "أبو الشهيد ارفع راسك" و"أين الإسلام والله حرام"، فيما ظهرت على أحد جدران المكان شعارات تحيي الجيش السوري الحر. وفي حي التضامن، خرج آلاف الأشخاص للمشاركة في التشييع الذي انطلق ظهرا، بحسب ما أفاد المتحدث باسم مجلس الثورة في دمشق ديب الدمشقي.
وأفاد أبو قيس من تنسيقيات دمشق أن "قوات الأمن عملت على تقطيع أوصال حي التضامن من خلال إقامة الحواجز الأمنية". وقتل في سورية أول من أمس 29 شخصا من بينهم تسعة متظاهرين سقطوا برصاص الأمن في حيي كفرسوسة والتضامن في العاصمة، بحسب المرصد. وهي الحصيلة الأكبر لقتلى يسقطون في تظاهرات وقمع في العاصمة السورية منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف مارس من العام الماضي.
وكان المجلس الوطني السوري المعارض قد دعا المراقبين الدوليين إلى التوجه إلى هذين الحيين لحضور تشييع القتلى. وقال المجلس في بيان "نطالب المراقبين الدوليين بالتوجه إلى حيي التضامن وكفرسوسة حيث سيشيع شهداء يوم الجمعة". وأضاف البيان "كالعادة واجه النظام الحناجر بالرصاص، والمطالب بالقمع الدموي، وخص عاصمتنا دمشق الشام بنصيب وافر من الرصاص في عدد كبير من أحيائها". واعتبر المجلس أن تظاهرات دمشق "تثبت للنظام أن زعمه بأن دمشق مدينة محايدة مجرد زعم سقط في دمشق، وقبل ذلك في ريفها، منذ وقت طويل، كما سقط زعم مماثل في مدينة حلب القطب السكاني والاقتصادي والحضاري الآخر في سورية". وخلص البيان إلى اعتبار أن تظاهرات أول من أمس "دليل قاطع على أن السوريين يؤمنون بالتظاهر السلمي كأسلوب أساسي للتعبير عن الرأي، ووسيلة للتغيير الديموقراطي ودليل على أنهم مازالوا يدعمون المبادرة الدولية العربية رغم عدم تنفيذ النظام أيا من بنودها".
وفي سياق متصل هزت انفجارات مدينتي دمشق وحلب التي سقط فيها عدد من القتلى والجرحى. وقتل خمسة أشخاص على الأقل بانفجار في حلب وانفجرت قنبلتان بطريق سريع يمر بدمشق في مؤشر آخر على أن المعارضين يغيرون تكتيكاتهم إلى استخدام قنابل محلية بدائية الصنع.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن انفجار حلب دمر محطة لغسيل السيارات في منطقة تل الزرازير وهي من أفقر الأحياء في المدينة التجارية التي تقطنها غالبية من الطبقة المتوسطة. وأعلن عضو في الجيش السوري الحر المعارض المسؤولية عن الانفجار وقال في بيروت إن محطة غسيل السيارات يستخدمها أفراد من ميليشيا موالية لبشار الأسد. وقال علي الحلبي الذي ذكر اسم صاحب محطة غسيل السيارات واتهمه باغتصاب امرأة أمام زوجها "وضعنا قنبلة داخل سيارة". وأضاف "ذهبت إلى المنطقة بعد ذلك وشاهدت سبع جثث وكثيرا من الجرحى". وذكر المرصد أن عدد القتلى خمسة.
وفي دمشق انفجرت قنبلتان في شارع الثورة مما أسفر عن تدمير تسع سيارات. ولم ترد تقارير بشأن الإصابات. وشاهد صحفيون حافلات صغيرة مدمرة وسيارة أجرة صفراء محطمة تم إبعادها في وقت لاحق عن المنطقة. وقال ساكن في حي سوق ساروجة القريب "سمعنا دوي انفجار كبير". وأضاف "تحاصر قوات الأمن المنطقة الآن". وقال عماد وهو ناشط يقيم بالقرب من شارع الثورة اكتفى بذكر اسمه الأول خوفا من الاعتقال "نريد أن نوضح للصحفيين الأجانب في سورية أن دمشق ليست صامتة". وفي المقابل اعتبر ناشطون في دمشق أن هذين الانفجارين "محاولة من النظام لترويع الناس وثنيهم عن المشاركة في تشييع الشهداء".
ووجهت التفجيرات ضربة أخرى إلى هدنة متداعية مدعومة من الأمم المتحدة. وتم الآن نشر 50 من بين 300 مراقب من الأمم المتحدة يزمع نشرهم في سورية لمراقبة وقف إطلاق النار الذي أعلن يوم 12 أبريل الماضي لكن وجودهم لم يوقف العنف في الانتفاضة.