كثيرا ما تضيق البلاد بأهلها، والدلائل على هذا كثيرة، كحالات الحرب التي يعيشها العالم العربي الآن، أوعدم الاستقرار أو التضييق على الحريات الفكرية والفنية والثقافية، أو محاربة المصلحين من أجل منفعة شخصية أو الانتصار لصراع سياسي ومذهبي، أو حتى لطلب العيش، ففي البلاد العربية وبعد الأحداث الأخيرة، بل ومنذ حرب العراق، ظهرت مشاكل اللجوء في الوطن العربي، ولم تعُد حكرًا على الفلسطينيين.
الشعب الفلسطينى يعاني من التهجير منذ حرب 1948 وما زال، دون أن يجد من يعمل على مساعدته بالشكل المطلوب، والانتقال والبعد عن الوطن سُنة كونية إذا ضاق صدر الوطن بأهله، ويذكر التاريخ كثيرًا من الهجرات الدائمة أو الموقتة، والإنسان بطبعه كائن يحب الاستقرار، ويميل إلى البقاء في المكان الذي وُلد فيه، ولا يتمنى عن وطنه بديلا، لكن تحت ويلات الحرب والاضطهاد يضطر الإنسان مكرهًا على ترك وطنه، على أمل الرجوع إليه يوما ما، وفي السنوات الأخيرة كانت هجرة العراقيين في مخيمات رفحا لمدة عشر سنوات، وبعضهم الآخر في سورية وفي بلاد الشتات، وها هم السوريون يتكرر معهم نفس ما حدث من نزوح ورحيل بسبب الأحداث الأخيرة. وكذلك في اليمن والسودان هجرة ولجوء داخل الوطن من مكان إلى مكان.
والسؤال، لماذا لا توجد (هيئة عربية عليا للاجئين)؟ يكون لها صندوق خاص يُموّل من الدول العربية، مع توفير الخبرات البشرية من أطباء، ومسعفين، وضرورات الحياة اليومية، وتكون إما برعاية الجامعة العربية، أو تحت إشراف هيئة مستقلة تعمل على توفير الأمن، وتقديم الدعم العاجل للاجئين دون انتظار القرارات الأممية البطيئة، فاللاجئون الآن كثر، والتفكير في إنشاء مثل هذه الهيئة أو أي شكل من أشكال التكافل العربي أصبح ضرورة، وإذا تعذر التمويل فلتكن التبرعات نواة لإقامة مثل هذا العمل الإنساني، فقد اشتدت الوطأة وزادت، كما أن التمويل الدولي لم يؤد غرضه، بل إن (الأنروا) المنظمة التي نشأت من أجل اللاجئين الفلسطينيين تشكو من ضعف المصادر.
لذا لتكن لنا منظماتنا العربية للاجئين، ولتكن عربية خالصة تخدم كل لاجئ عربي، فالأيام القادمة قاتمة، والأجيال العربية التي نعقد عليها الآمال تتعرض للخطر والموت والجهل والمرض. صفاء النوايا يؤدي إلى عمل الخير الدائم لخدمة الإنسان، والله ييسر الأعمال الصالحة.