الميول والعنصرية وتحقيق الأهداف الإعلامية والتعصب، والإثارة المفتعلة وغيرها أمراض يعاني منها كثير من الفضائيات العربية اليوم، وربما تكون فاتورة العلاج باهظة في ظل ما تحقنه برامج كثيرة من إبر "العنصرية" و"الطائفية"، و"الفساد الأخلاقي" وغيرها من الأمراض الفكرية والاجتماعية الأخرى.
وصديقنا العزيز "يوتيوب" يعج بمئات الروابط لمقاطع من هذه البرامج السياسية والدينية، وبمجرد مشاهدتها يحزنني أن أقول إن الإعلام التلفزيوني العربي أصبح فريسة سهلة لسؤال يبرز أمام كل منتج تلفزيوني وهو "كيف أجعل هذا البرنامج يحقق نسبة مشاهدة عالية وأحقق من خلاله أكبر قدر من الإعلانات؟"!
ولعلي لا أبالغ إن قلت إن هذا الفضاء المفتوح من القنوات يعاني فصاما في شخصيته، بدءا من أقمار صناعية تبيع الباقات ولا يهمها المضمون. ناهيك عن عدم وجود أي جهات مسؤولة أو مراقبة لهذه الفضائيات، ففي الوقـت الـذي تمارس فـيه إحـدى القنوات بث مقاطـع الرقص النسائي الذي يصل حد الإغراء "المثير"، تجد أخرى يتصارع فيها شخصان على الكعكة السياسية ويطلق كل منهما على الآخر عبارات خادشة للحياء، ويضربان بعضهما، وقنوات لا هم لها إلا الترويج للأدوية الشعبية ووصفات الجمال والطبخ والرقية الشرعية، وأخرى لا تنفك تطارد الموروث الشعبي بكافة أنواعه! والأدهى من ذلك عندما تشاهد برامج رياضية تعيش على البلبلة وحروب التصريحات، ولا تعرف إلا كرة القدم!
إنها أزمة إنتاج تلفزيوني تعاني منها هذه الفضائيات التي تفتقر إلى خطط إعلامية واضحة أهمها أن تكون هناك رسالة إعلامية من وراء أي قناة تلفزيونية، لا مجرد أن تفتتح لتربح أكبر قدر من المال وبأي طريقة.
في النهاية، متى ما كان مالك القناة شخصا إعلاميا أو رجل أعمال مهتما بالإعلام ولديه رسالة حقيقية ومحايدة أو غير مؤدلجة، فسيكون هناك إنتاج تلفزيوني راق. لكن أين هم هؤلاء؟!