لم أجد في سنة أصعب من كتابة هذا المقال، لأني مغرم ببطولات من أكتب عنه، عاشق لسيرته وحكمته، أجلس الآن مرتاحاً لأكتب كلمات بينما ركب أبو تركي صهوة جواده 30عاماً ليؤسس دولة.. ويعلم الله حال هذه الجزيرة لو لم تتوحد في دولة.

ما أعجبني في "أبو تركي" هو تقديره لخصومه، وحتى توقيرهم وإنزالهم منازلهم، لأنه يعرف أن خصومه شجعان وفرسان، ولكنهم لا يفهمون رؤيته.. طموح بدأه عندما دخل المصمك، فقد كان المنتهى عند بعض رجاله وقد كانت البداية عنده.

بلا شك لم ينصف التاريخ عبدالعزيز أبداً.. فهو جمع الإيمان والدهاء والكرم والحكمة.. لكن صفته الأعظم العفو عند المقدرة.. لم يكن في مخيلة أولئك الرجال الذين خرجوا معه من الكويت أن التاريخ سيكتب لهم أنهم بتلك المغامرة بدؤوا نواة أعظم دولة في الشرق الأوسط.. صافية العقيدة، موحدة، يؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر، ولم يعرفوا أن مغامرتهم تلك ستتعب على مدى قرن أصحاب الأجندات والفتن، الذين راهنوا منذ نشأة السعودية على سقوطها.

أبو تركي المؤسس العظيم كان عنده سر الملك، وأورثه لأبنائه الذين حفظوا البلاد في عقود الفتن والقلاقل. إنه ذلك الدعاء الذي كان عبدالعزيز يدعوه في جوف الليل ورابعة النهار، في صلاته وقبل نومه، وفي وقت أزماته، كان مقروناً ببكاء التضرع والرجاء (اللهم إن كان فيني وفي ذريتي خير للإسلام والمسلمين فانصرني وإن كان فيني وفي ذريتي شر فامحقني)، أشهد بالله إني سمعت هذا من ثقات كانوا قريبين منه رحمهم الله جميعا.

هذا هو سر السعودية بلا أرقام أو نظريات سياسية.. إنه التوحيد والإيمان في وطن قام على العقيدة ونستشهد دونه.

رحم الله أبو تركي ورزقنا الله بره بالدعاء وحفظ وطننا.

السعوديه 82 سنة.. صورة مع التحية لأحفاد ذلك القنصل الغربي الذي قال في تقريره بعد حج 1936 هذه دولة لن تستمر أشهرا.. ونسخة cc إلى الحركيين.. والله غالب على أمره.