هادية طاجيك، باكستانية، مسلمة، ولدت عام 1982م، أصبحت اليوم أصغر عضوة في الحكومة النرويجية، يحدث هذا في دولة شهدت قبل عام ونيّف مذبحة خلفت أكثر من 80 قتيلا، حين أطلق "أندريس بريفيك" النار في الشوارع عشوائياً لسبب ثقافي يتلخص في كراهيته للإسلام والمهاجرين المسلمين، وهكذا تعالج الحكومة النرويجية إشكالات الثقافة، يداوون مرض اندريس، بترياق "هادية"، وزيرة ثقافة تمثل الثقافة التي يكرهها أندريس حد القتل!
هذا هو الغرب الذي ما أن نحبّه حتى نكرهه، وما أن نقرر كرهه حتى يلوح لنا في الأفق سبب قوي لحبه.. يهاجمنا إعلامهم، فيتناسى إعلامنا إيجابياتهم، ويتجاهل مثل هذا الخبر المهم.
إن أمثال "هادية" في عالمنا العربي/ الإسلامي ما زالت "ضالّة مضّلة"، تحيط بها أسوار من العيوب لا تستطيع قفزها حتى بالزانة! فهي امرأة.. وتاء التأنيث لدينا لا محل لها من الإعراب، واسألوا أهل اللغة، وهي أجنبية، وأبوها إذا عومل باحترام يقال له "صديق"!، ولا تزال طفلة، فمواليد عام 82 هم (عيال أمس!)، أما اذا كانت من دين مختلف، أو تحمل فكرا لا يطابق النسخة التي نحملها، فهذه طامة الطوام!
لقد قامت حضارتنا الإسلامية في عصور ازدهارها على مثل هذا الفكر، رجال ونساء عرب وعجم كبار وصغار، مسلمون وأغيار، كانوا هم جذوتها التي أضاءت ما بين الصين وفرنسا، حتى انكفأنا في قماقمنا وتدثرنا بأوهامنا، واستغرقنا في نومٍ عميق.. عكس النرويج التي لم يبلغ عدد سكانها الملايين الخمسة، وقدمت للعالم ثلاثة روائيين حاصلين على نوبل، وتتمتع بثاني أعلى ناتج محلي للفرد في الدنيا، وتحتل المرتبة الأولى عالميا في مؤشر التنمية البشرية.