مازال للأسف حجم الإدراك الحقيقي بأهمية الشباب في المملكة لا يرتقي إلى المستوى المأمول.
فهل أدركنا أهمية الشباب وأهمية دعم مراكز البحوث لدراسة سلوكهم وأفكارهم وتطلعاتهم وأهمية البحث عن سبل الدعم والاحتواء والتشجيع والمساندة؟ إن الشباب في المملكة هم النسبة الأكبر في المجتمع، وهم فعليا يعيشون بوضع تهميشي ملحوظ. فلاحظ أنه لا أنشطة رياضية ولا ثقافية ولا مراكز للمبتكرين والمخترعين ولا دعم للمكتشفين ولا اهتمام بصقل المواهب. بعد كل تلك الموانع والغيابات للأنشطة لجأ الشباب في المملكة إلى التجمع خلف جدران الاستراحات، لا ندري ماذا يفعلون وبماذا يفكرون؟.
وفيما يلي بعض التوصيات التي أرى أنها طوق نجاة للشباب وللمجتمع وهي لا تكلف الكثير ماديا إذا ما علمنا حجم الفائدة المتوقعة من جراء تنفيذها.
أولا: سرعة العمل على تنفيذ واعتماد مجالس الأحياء وأقترح أن تكون من مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية، ويكون دورها الخاص بالشباب في الأمور التالية: إقامة مختلف الانشطة واللقاءات الفكرية والمسرحية، والعمل على استقطاب كافة أفراد شباب الحي والحرص على تفاعل الجميع. رفع درجة الوعي لدى شباب الحي، وتعزيز الروابط الاجتماعية بينهم بإحياء وإقامة أنشطة تساهم في تواصلهم. التنسيق مع أعضاء مجالس الأحياء في إقامة الدورات التثقيفية وتطوير القدرات، مثل (دورات لإطفاء الحريق، الإنقاذ، الإسعافات للمرضى والمصابين، أنظمة السلامة، أعمال البناء، دورات خاصة بتطوير الشخصية). عقد ورش عمل بمشاركة ممثلين من كل مجلس حي بالمدينة الواحدة عند مناقشة أمور أو قضايا اجتماعية أو تنموية بالمنطقة. إنشاء مجلس شباب المنطقة يتم فيه تشكيل أعضائه باختيار ممثل عن كل مجلس حي، للمساهمة في تنمية المدينة. وهنالك مجلس شباب تم استحداثه في إمارة منطقة مكة المكرمة وهو أمر ممتاز ووعي كبير من إمارة مكة بدور الشباب الحقيقي بالتنمية، ولكن حينما نتحدث عن الاهتمام بالشباب فأنا هنا أبحث كيفية إقامة مشروع يلامس ويعنى ويهتم بكل شباب المدينة ومن جميع أنحائها بدون استثناء. إن مجالس الأحياء هي مشروع مهم جدا لا ينافسه مشروع تطويري اجتماعي في المملكة.
ثانيا/ إنشاء ملاعب داخل كل حي وتعد تلك الملاعب أحد أشكال المرافق التي يجب أن تتوفر بكل حي واعتماد ذلك في تصاميم مخططات الأحياء الجديدة.
ثالثا/ تحفيز الشباب (ماديا ومعنويا) بخوض مختلف الرياضات، والتعريف بها أكاديميا في المدارس كي يكون لكل شاب هواية يزوالها ويهتم بها وتشغله في وقت فراغه. وتأسيس أندية تقوم بتحفيز أصحاب تلك الهوايات على الاستمرار في الممارسة وتطوير قدراتهم وتعريف بعضهم ببعض وتنظيم وتنسيق للمسابقات والدورات. وذلك تحت مسؤولية رعاية الشباب.
رابعا/ إنشاء مراكز متخصصة باستقطاب المبتكرين والمخترعين ومساعدتهم ماديا وفنيا واستشاريا في تحويل أفكارهم لمنتجات حقيقية وتوفير الورش والميادين اللازمة لذلك.
إن الحلول السابقة من شأنها أن تطور الوضع الاجتماعي في المملكة لوضع أفضل وإيجابي وتكوين مجمتع متماسك ومتعاون على الخير ومحفز على الإبداع. وتجربة جيدة لنشاط المجتمع المدني لنخوض من خلالها تجربة التصويت داخل الحي والترشيح بانتخاب أعضاء مجلس الحي، وفيه تعزيز لروح الانتماء الجميل للحي والجوار بدلا من انتماءات أخرى قد تكون عنصرية أو طائفية. آلية الدعم المادي فيما يخص مجالس الأحياء هنالك 104 محافظات في المملكة ومعدل عدد الأحياء بكل مدينة 15 حيا، وإذا ما تم صرف مبلغ خمسة ملايين ريال لكل مجلس حي للتأسيس فإن التكلفة التأسيسية للمشروع على كافة أنحاء المملكة حوالي 8 مليارات ريال. وبإمكان مجالس الأحياء الصرف على جميع نشاطاتها باستغلال الإعلانات والرعاية في الشركات الكبرى ومن سكان الأحياء وأعضاء الإدارة. ولو افترضنا أن هنالك 10 موظفين بكل مركز حي ولو تم تخصيص مبلغ ألفي ريال كدعم شهري لأعضاء المجالس فإن حجم المستفيدين لا يقل عن 15 ألف شخص، ومجموع رواتبهم السنوية 370 مليون ريال سنويا. ويكون بذلك هذا إجمالي القيمة الذي تتبناه الدولة سنويا لهذا المشروع (370 مليون ريال) وعلى القطاع الخاص والمحلات التجارية في الحي دعم المشروع ماديا في تفعيل الأنشطة وإقامة الدورات الشهرية التثقيفية.
إن مسؤولية تبني وتحفيز ودعم وصقل مواهب الشباب مسؤولية عظيمة لا تقل أهمية عن أي مسؤولية أخرى ويحتاج الموضوع لدراسة ونقاش أكثر تفصيلا إذا ما وجدت الفكرة الاستحسان والقبول. وأسأل الله أن يديم على بلدنا الأمن والأمان وأن يلهم شبابنا طريق الصواب.