جميل جدا الاحتفال باليوم الوطني. لكن الأجمل أن يليق الاحتفال بالمناسبة. يحتاج يومنا الوطني إلى قراءة جديدة تمنحه الوهج والألق. فلمَ لا يكون يومنا الوطني مسرحا لتكريم المبدعين في المجالات المختلفة؟ أن يكون هذا اليوم عنوانا للاحتفال بالإنجاز والانتصار. ما المانع أن تقوم مناطق ومحافظات المملكة بوضع برنامج مدروس كل عام للاحتفاء بالمبدعين من أبناء المناطق والمحافظات المختلفة في هذا اليوم؟
نسعد جميعا بهذا اليوم في كل عام. لكن سرعان ما ننسى ما حدث فيه. اعتقد أن هذا اليوم يتطلب عملا جادا وبرمجة جديدة تجعل منها يوما يستذكر ويستحضر. يوم ينتظره الناجحون ليحصدوا ما زرعوه.
ثمة فرح مضاعف سيغمر هذا اليوم لو تحول إلى مهرجان كبير للاحتفال بالإبداع والمبدعين، بالنجاح والناجحين. لا أعتقد أنه يوجد يوم أنسب من هذا اليوم ليصبح عنوانا للتكريم.
اختفت جوائز ومناسبات جميلة كجائزة الأدباء وغيرها من المبادرات المتألقة ولقد حان الوقت لإعادتها على نحو جديد ومختلف في هذا اليوم.
رحلت أجيال متعاقبة من المبدعين في وطننا الغالي دون أن تحظى بتكريم تستحقه. لن نبكي على اللبن المسكوب، بيد أننا نأمل أن نستثمر هذه الفرصة الثمينة من خلال إرساء قواعد جديدة للتكريم تمنح الأجيال الحالية واللاحقة نصيبها من التقدير والامتنان خلال اليوم الوطني.
الشعور بالتقدير في وطنك يضخ في أرجائك حماسة لا توصف أو تتوقع. حماسة تحركك وتقودك وتدفعك.
ساهمت الجوائز العديدة التي تمنحها دول العالم لمبدعيها في ازدهار صناعاتهم وإبداعاتهم وإنتاجهم. التكريم ليس مجرد وفاء وامتنان فحسب بل إلهام لنجاحات جديدة يحتاجها وطننا.
لقد آن الأوان لمؤسساتنا الإبداعية كمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وغيرها من المؤسسات المعنية بالإبداع في العمل معا نحو صناعة يوم ينصف مبدعينا ويلهمهم. يوم يدفعهم نحو المزيد من الإبداع والحماس والإصرار.
لا يوجد يوم أنسب من هذا اليوم لنحتفل فيه بالأوفياء والمبدعين، بمواردنا البشرية التي نعول عليها بعد الله في نهضة بلادنا وتقدمه.
إنني أتمنى أن تتعاضد الجهود وتتكاتف في كل المناطق والمحافظات، في كل المؤسسات والشركات لجعله يوما للتكريم والاحتفاء، للعطاء والوفاء.
إذا تحقق ذلك ستمتلئ صفحات صحفنا وشاشات تلفزيوناتنا في هذا اليوم بصور الموهوبين والمبدعين. ستتحول (هاشتاغات) الإحباط والتذمر في تويتر إلى (أوسمة) للاحتفاء بصغارنا وكبارنا ممن أنجزوا وتفوقوا.
سنتصفح أبناء جلدتنا ونتعرف عليهم. سنزهو بهم وسندرك أن الوطن مزدحم بالمبدعين والمبدعات، الذين يملكون قدرات ومهارات لا تقل عن تلك التي تنتشر في الصحافة الغربية. سيلهموننا ويحفزوننا لنصبح مثلهم وأفضل منهم.
من المحزن أن نسمع عن تكريم مبدعين من وطننا في وطن آخر قبل أن يكرمه وطنه، الذي ترعرع ونبت فيه. غُيبت ثقافة التكريم الممنهج في وطننا لسنوات فحصدنا جيلا غاضبا وحانقا يشعر بمرارة وإحباط كبيرين.
أتطلع أن يدخل اليوم سعادة غامرة على قلوب المواطنين عندما يرون إخوانهم وأحبتهم وأصدقاءهم وزملاءهم وجيرانهم يحظون بتقدير في يوم الوطن. سيضفي هذا الشعور المبهج طاقة إضافية تجعل الجميع يأمل أن يظفر بهذا التكريم مستقبلا. ويتحول الوطن إلى ورشة إنتاج وعمل دؤوب يعود إيجابا على البلاد والعباد.
ما أجمل أن يحظى كل المكرمين في يوم الوطن بميدالية موحدة يحتفظ بها الفائز ويحتفي بها. تكون عنوانا ومثالا، تكون مطلبا وغاية للجميع صغارا وكبارا.
أرجو حقا أن نبدأ من اليوم في وضع معايير وآلية وبرنامج لهذا اليوم حتى لا يصبح مجرد إجازة نطرب فيها ومعها للحظات ثم نعود لمسلسل الرتابة والتذمر.