في مثل هذا اليوم تجب الوقفة الفاحصة المتأملة التي نتذكر فيها نحن بأنفسنا ونقول لأجيالنا التي نشأت في ظل وارف ونعيم كيف وصلت بلادنا في وحدتها وفي إنجازاتها وفي تغلبها على مصاعبها ومشكلاتها إلى ما وصلت إليه.. في اليوم الوطني لبلادنا نقف لحظة ونتأمل الوطن..الكيان ..المملكة العربية السعودية هذا البناء الشامخ..الذي يحق لنا أن نفتخر به وبمكانته وبما تحقق فيه ..فبلادنا المملكة العربية السعودية دولة محورية في الشرق الأوسط اولاً لإن ما في العالم من أحداث يتوقف على ما يحدث في المملكة بشكل او بآخر وبدرجة او بأخرى.. وكذلك ليس لانها تحتضن الحرمين الشريفين فقط ومولد الرسول صلى الله عليه وسلم بل لإنها اكبر دوله تملك احتياطي البترول في العالم ولانها تقع في منطقة تحكم اثنين من اهم طرق التجارة والإتصالات في العالم .ولأن لتأسيسها قصة بطولية وقصة الرجل النادر من نوعه الذي اسسها وهي قصة جديرة بالرواية وهي قصة تستحق وبكل تأكيد أن تعرف من قبل دائرة اوسع من الجمهور في بقاع العالم وفيها بطولات كبيرة للملك عبدالعزيز مما حدى بفلبي للقول في كتابة بعد موت الملك عبدالعزيز: " إن عهد الملك عبدالعزيز يعتبر أنصع فصل في كتاب تاريخ الأمة العربية باستثناء عصر النبوة " وتمثلت إنجازات الملك عبدالعزيز في توحيد الوطن بعد صعوبات جمة هنا وهناك ومشاكل من كل نوع أنتهت بتأسيس هذا الكيان .كما تمثلت إنجازاته في البحث عن مصادر دخل للوطن تمثلت في العمل على تنويع تلك المصادر بين زراعة وموارد طبيعية حتى قيض الله لهذه البلاد إكتشاف النفط .. ونشر التعليم ..وكان تأسيس ووحدة المملكة العربية السعودية على هذا النحو أمر يدعو للفخر والأعتزاز ..وأستمرت إنجازات الوطن في عهد الابناء على كل المستويات..وحظي الحرمان الشريفان وخدمة ضيوف الرحمن بنصيب الأسد من انجازات البلاد على النحو الذي يراه ويلمسه كل حاج أو معتمر أو زائر للأماكن المقدسة..وكانت بلادنا مثار إعجاب المراقبين المنصفين وهي تقف بكل ما تملكه من إمكانات بجانب الدول الشقيقة والصديقة في المحن التي تتعرض لها ومن أمثلة ذلك الوقفة الشجاعة للملك فهد والوطن بأكملة لإشقائنا في الكويت أثناء تعرضهم لأزمتهم المعروفة..وكذلك وقوف بلادنا المملكة العربية السعودية بجانب كل من يحتاجها لتقف بجانبة وتقدم المعونات التي تخفف من مصاب ومحنة الاشقاء والاصدقاء..وتتبين الحكمة في بلادنا عند تعرضها لأزمات فانهيار اسعار البترول في الثمانيات كادت تعصف بالوطن.. وأزمة 11 سبتمبر عاصفة أخرى..وأحداث الإرهاب والقلاقل وزعزعة الأمن عواصف مرت بها بلادنا وحاولت وتحاول علاجها بإجتهادات نسال الله أن توفق فيها .. ولا شك أن بلادنا الآن تمر بتحديات تتعلق بأمر البطالة والفساد والإصلاح وكل ما يضمن مواكبة مؤسساتنا العصر الذي نعيش فيه ولا بد لكل فرد من أفراد هذا البلد المعطاء أن يستشعر التحديات التي تمر بها بلادنا ولا يقتصر موقفه على النقد وإتخاذ مواقف سلبية أو التحدث بلغة المستحيل التي لا تمت للواقع بصلة.. بل يجب المشاركة والتفاعل مع مشكلات الوطن وتقديم مقترحات واقعية تستحضر الظروف والأحداث ويمكن تطبيقها على ارض الواقع.. ولم يمر على بلادنا عهد دون أن يكون فيه من الإنجازات ما يكون محل فخر.. حتى وصلت بلادنا إلى هذا العهد الميمون بقيادة رائد نهضته الحالية الملك عبدالله الذي شهد إنجازات نوعية نفخر بها ويفخر بها الوطن.

ولنعلم جميعاً أنه لا يمكن لبلادنا أن تتقدم وبعضنا ساكن.. ولا يمكن أن تكون بلادنا إيجابية وبعضنا سلبي .. ولا يمكن أن يتوقف إسهامنا لبلادنا على النقد والتجريح والنظر إلى السلبيات.. هناك بالطبع إخفاقات وسلبيات.. ونقص وعجز .. لكن لا يعني هذا أن نصرف كل وقتنا في الحديث،والحديث فقط، عن السلبيات.. بل لا بد أن نعمل ونقترح البدائل الواقعية التي يمكن تطبيقها.. يجب أن نعلم جميعاً أن تجاوز بلادنا لمعوقاتٍ في الماضي لا يعني تجاوزها في المستقبل ونتساءل: هل ستقتفي الاجيال الجديدة أثر آبائهم للتعامل مع الخلافات وتجاوزها بنجاح ؟ لقد رسمت لنا الأجيال السابقة من القيادات ومن المواطنين أروع الأمثلة في التعامل مع العواصف والمشكلات والمستجدات.. وكان أبرز تلك الأمثلة اللحمة القوية التي كانت الجدار المنيع بعد الله في التصدي لكل عاصفة قادمة.. وكانت تلك اللحمة الصخرة التي تحطمت عليها كل قوى البغي والشر وكل مخططات الأعداء.. السنوات الطوال التي بنيت فيها بلادنا.. وبنيت فيها مؤسساتنا وقويت فيها لحمتنا.. وانتشر ظل امنها الوارف ليعم كل شبر في بلادنا.. بل والخطط التنموية الطموحة المعلن عنها والقادم.. وثروات بلادنا كل ذلك يمكن هدمه بتفكير خاطيء أو نقد في غير مكانه أو حديث غير موضوعي..

في يوم الوطن ارى أن نقف مع أنفسنا وقفة موضوعية جادة ونحسب لتصرفاتنا الف حساب ونسأل انفسنا عما إذا كانت مواقفنا في مصلحة الوطن وتقدمه وأمنه أم أننا بفعل النظر إلى السلبيات نرتكب حماقاتٍ في حق وطننا ومستقبله وأمنه ومصالحه ومواطنيه.. ثم إننا في كثير من الأحايين نلتزم بموقف سلبي حتى يصفنا من حولنا بالشجاعة والإقدام.. وأرجو أن لا نشهد ذلك اليوم الذي نكتشف فيه أن نظرتنا قاصرة . في يو م الوطن لا باس أن نفكر في طريقة للنقد وطريقة للإصلاح وطريقة لتجاوز سلبياتنا.. لكن يكون في تلك الطرق الحكمة التي بها نصل إلى الحسنيين المحافظة على الوطن والسعي لتجاوز السلبيات. في يوم الوطن أهمس في أذن كل مواطن أننا لن نهزم وسنتجاوز كل مشاكلنا وسلبياتنا ونحافظ على وطننا ونصل إلى ما نبتغيه من تقدم له ولنا، فقط إذا حافظنا على لحمتنا.. لأننا لن نُؤتى إلا من قِبَلَ انفسنا.. فلا نسمح لإحد أن يخترقنا وياتينا من بيننا.. وكل يوم وطن والوطن ونحن جميعاً بألف خير.