تسابق "مسعور" بين مستوردي المواد الغذائية في زيادة الأسعار.. فوضى سرطانية تعم السوق بعد أن سيطرت عليه لسنوات، تتكسر على صخرتها أنظمة وتشريعات هي في الأصل غير واضحة ودقيقة ونافذة.. رقابة عاجزة، لا تطال إلا المطاعم والمخابز، ولا تجرؤ على الاقتراب من التجار الكبار والأسواق الكبيرة.
تنشر الصحف يومياً زيادات بنسب غير منطقية في أسعار المواد الغذائية، بدأت بزيادة في أسعار أعلاف الحيوانات، تبعتها زيادات في أسعار الدواجن ثم الأسماك ثم الأرز وأخيراً طالت معظم الأصناف في الأسواق السعودية، على الرغم من ثبات الأسعار في الأسواق العالمية، وكأن تجار السوق السعودية يتسابقون على تنفيذ زيادات الأسعار قبل أن تنفذ في بلدان الأصل.
نشرت تقارير صحفية تفيد بأن نسبة الزيادة في بعض المواد تجاوزت الـ10% خلال الأسابيع الماضية كما في سعر الدجاج المجمد، ثم تلتها زيادات في أسعار الأسماك والأرز دون رقيب أو حسيب، أو حتى مبررات موضوعية.
الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة مسؤول نشط وطموح يتميز بعدم النمطية التي تكبل الكثير من المسؤولين، وتمنعهم من الابتكار والتواصل البناء مع المواطن، خصوصاً من خلال تواصله مع المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي كما في "تويتر"، بيد أن ذلك لم يلغ فوضى السوق وجشع التجار وجموح الأسعار التي باتت تهدد حياة المستهلك المغلوب على أمره، إذ أصبح كامل الدخل الشهري للكثيرين موجهاً لتغطية نفقات الأكل والشرب فقط، في ظل عدم نجاعة خطط "التجارة" وانشغال "حماية المستهلك" بصراع الكراسي والرئاسة، بعيداً عن هموم المستهلك الذي يواجه جشع التجار وغول الأسعار وحيداً وبجيوب خاوية.
نعم هناك استغلال فاحش من التجار لضعف الرقابة وضعف الوزارة والجمعية، وغياب القوانين الفاعلة، والمحاسبة التي تطال جميع التجار المتلاعبين بقوت الضعفاء، ورزقهم، دون مجاملة لـ"س" أو خوف من نفوذ "ص" من التجار.
ورغم ذلك لا نملك سوى منح وزير التجارة الفرصة للتحرك الذي طال انتظاره، في إيجاد نظام قوي يكبح جماح الأسعار ويحاسب التجار، ويحفظ حقوق المستهلك والمواطن ويمنع عنه استغلال التجار.
ربما لا تعني زيادة ثلاثة ريالات أو حتى 10% في أسعار الدجاج أو الأرز لكبار المسؤولين شيئاً، لكن ثق يا معالي الوزير أنها تعني الكثير والكثير، لمن يعيشون على راتب 3 آلاف ريال في الشهر أو أقل ويعولون أسرا وأطفالا، وتشكل لهم هاجساً ضخماً، فكيف بمن يعتقد أن رب الأسرة سيتجرأ ويطعم أطفاله لحماً طازجاً؟