يرى سياسيون مصريون أن قرار الجماعة السلفية بدعم المرشح الرئاسي عبدالمنعم أبو الفتوح على حساب مرشح الإخوان محمد مرسي الذي جاء بعد تردد طويل لا يعكس حالة "توافق وطني" بقدر ما يشير إلى حالة من بوادر الانقسام داخل الحركة الإسلامية في مصر، بالدرجة التي تضع مستقبل العلاقة بين الإخوان والسلفيين على المحك.

مرجعية واحدة

يقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية علي عبدالعال "على المستوى المنهجي والفكري لا ترى الدعوة السلفية فرقا كبيرا بين مرسي وأبو الفتوح، فكلاهما أبناء مدرسة واحدة، إلا أن الثاني بعد خروجه استطاع أن يخلق لنفسه شعبية ومؤيدين بحضوره ومرونته وخطابه، وبقي الآخر مدعوما من التنظيم القوي بإمكاناته وطاقات أبنائه، ومرحليا ترى الدعوة السلفية أن مصر ليست بحاجة الآن إلى رئيس متدين لا يحسن إدارتها بقدر ما هي بحاجة إلى رئيس مناسب يستطيع أن يعبر بها هذه الفترة العصيبة، يقدم حلولا عاجلة لهذا الشعب المحتاج لرغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز. فهي ترى أن قيادة الدولة لا تقوم إلا إذا توفر جناحان لا بد من وجودهما في القائد، الأول الدين، والثاني القدرة على إدارة البلاد، أما أن يطير القائد بجناح واحد هو الدين فإن ذلك قد يعود بالسلب على المشروع الإسلامي".

ويضيف "سيكون على الدعوة السلفية وحدها أن تقدم من الحجج والبراهين ما يقنع الشباب السلفي أولا والإسلامي ثانيا بمنطقية اختيارها، ومناسبته لهذه الظروف، ودوافعها إليه، ولعل العبء الأكبر الذي سيكون على الجماعة يتمثل في مسألة تسويق أبو الفتوح مع كل المآخذ التي يأخذها الإسلاميون عليه. في ظل الحديث عن ليبراليته، وعدم وضوحه إسلاميا بالقدر الكافي، وتصريحاته السابقة التي هاجم فيها السلفيين، وقربه من الأقباط. إضافة إلى علاقته بالإخوان وحزب الأغلبية الحرية والعدالة إذا صار رئيسا".

تداعيات وآثار

من جانبه يرى المتحدث السابق باسم حزب النور محمد يسري سلامة أن دعم الهيئة الشرعية للمرشح الإخواني محمد مرسي، الذي جاء استباقا لموقف الدعوة السلفية بدعم أبو الفتوح، يعكس حجم الخلاف في التوجهات داخل التيار السلفي نفسه، خاصة وأنه كان يشعر أن الهيئة الشرعية تحاول سحب البساط من تحت أقدامه، ومما ساعد على ذلك أن المرشح المستبعد خيرت الشاطر كان يمثل الجناح الأكثر سلفيةً والتزاما داخل الإخوان، كما أنه كان حريصا على بناء صلات متينة بالتيار السلفي ممثلة في كونه عضوا فاعلا في الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي يرأسها محمد يسري إبراهيم، أحد الرموز السلفية المعروفة، كما أن الشاطر كان حريصا على التنسيق والتشاور المستمر مع قادة السلفيين". وأضاف "دعم السلفيين لأبو الفتوح سيكون له توابع دون شك على مستقبل العلاقة بين التيارين الأقوى في الشارع حاليا، كما أن عدم تأييد مرسي سيكون له توابع مع الإخوان في المستقبل القريب".

وأضاف "دعم السلفيين لأبو الفتوح سيكون له توابعه من دون شك على مستقبل العلاقة بين التيارين الأقوى في الشارع حاليا، كما أن عدم تأييد مرسي سيكون له توابعه مع الإخوان من دون شك. ربما لا يكون الإخوان قادرين على الرد المناسب في المستقبل القريب بسبب تضعضع موقفهم في الآونة الأخيرة وفقدانهم للعمق الاستراتيجي، وضعف مرشحهم الرئاسي، وأزمتهم مع العسكري، ولو نجحوا في مجرد الحفاظ على مكاسبهم السابقة دون أن يفقدوها ولم يتعرضوا لمزيد من الخسائر، فسيكونون قد حققوا إنجازا كبيرا".

مشروع وطني

إلى ذلك يؤكد عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي أنه مع تقديره للالتزام الحزبي، فإن هذا لا يمنعه من الدعوة إلى طرح مشروع رئاسي وطني واحد في مواجهة ما وصفه بـ"المشروع الرئاسي للفلول والعسكر". وأضاف "أقصد بذلك مشروعا وطنيا ثوريا يضم إلى جانب أبو الفتوح ومرسي آخرين من تيارات أخرى بحيث يشكلون فريقا رئاسيا، لنضمن وحدة الموقف الوطني الثوري في مواجهة العسكر والفلول فننجح في حسم المعركة مبكرا لصالح الوطن بدلا من الانقسام والاستقطاب والتراشق وتفتيت الأصوات، وهذا هو الضمان الوحيد أمام خطورة المادة 28 لنجمع المخلصين من شعبنا على مشروع وطني واحد يتحدى التزوير والتأجيل والتعطيل والوصاية ونزع الصلاحيات وإعادة الماضي"، مشيرا إلى أنه "ما زال في الوقت متسع. أعرف أن الأمر ليس سهلا لكنه ليس بمستحيل وربما معا نصنع المستحيل".